La religion, la révélation et l'islam

Mustafa Abdel Razzaq d. 1366 AH
45

La religion, la révélation et l'islam

الدين والوحي والإسلام

Genres

الناحية الثانية: الوحي الحاصل بسماع كلام الله من غير واسطة

ينقسم القائلون بأن كلام الله هو هذه الحروف المسموعة والأصوات المؤلفة إلى فريقين: أحدهما: الحنابلة الذين قالوا بقدم هذه الحروف، وهؤلاء يرون أن الرسول أو الملك يسمع هذه الحروف والأصوات القديمة من الله بغير واسطة. والفريق الثاني يقول بحدوث هذه الحروف والأصوات، ومن هؤلاء من يقول بأن هذه الحروف والأصوات الحادثة قائمة بذاته الله تعالى فالرسول يسمع الحروف والأصوات الحادثة القائمة بالذات القديمة من غير وساطة، وأولئك هم الكرامية، ومن هذا الفريق الثاني المعتزلة، وهم يقولون: إن هذه الحروف والأصوات ليست قائمة بذاته - تعالى - بل يخلقها في جسم آخر، وفسروا قوله - تعالى:

أو من وراء حجاب

بأن يسمعه كلامه الذي يخلقه في بعض الأجرام من غير أن يبصر السامع من يكلمه؛ لأنه في ذاته غير مرئي، كما يكلم المحتجب بعض خواصه وهو من وراء حجاب؛ فيسمع صوته ولا يرى شخصه، وذلك كما كلم موسى ويكلم الملائكة. ويقول المعتزلة: إن هذه الآية تدل على أنه تعالى لا يرى؛ لأنه تعالى حصر أقسام وحيه في هذه الثلاثة، ولو صحت رؤية الله تعالى لصح من الله أن يتكلم مع العبد حينما يراه العبد، ويكون ذلك قسما رابعا، ورد عليهم القائلون بأن الله يرى يوم القيامة بزيادة قيد في الآية - أي في الدنيا - للتوفيق بين الآيات.

وأما الأشعرية الذين زعموا أن كلام الله صفة قديمة تدل عليها هذه العبارات والألفاظ فقد اتفقوا على أن قوله:

من وراء حجاب

هو أن الملك أو الرسول يسمع ذلك الكلام المنزه عن الحروف والصوت من وراء حجاب، قالوا: ولما لم يبعد أن ترى ذات الله - مع أنه ليس بجسم ولا في حيز - فأي بعد في أن يسمع كلام الله، مع أنه لا يكون حرفا ولا صوتا؟!

وزعم أبو منصور الماتريدي السمرقندي أن تلك الصفة القائمة بذات الله يمتنع كونها مسموعة؛ وإنما المسموع حروف وأصوات يخلقها الله تعالى في شجرة مثلا، وهذا القول قريب من قول المعتزلة. (2) مذهب الفلسفة الإسلامية في الوحي

يقول ابن سينا في رسالته في النبوات وتأويل رموزهم وأمثالهم: «فمن العادة في الشريعة تسمية القوى اللطيفة غير المحسوسة ملائكة.»

ويقول في حد الملك في رسالته الحدود: «هو جوهر بسيط ذو حياة ونطق عقلي غير مائت، وهو واسطة بين الباري - عز وجل - والأجسام الأرضية.»

Page inconnue