La religion de l'homme
دين الإنسان: بحث في ماهية الدين ومنشأ الدافع الديني
Genres
التي تعني تجلي الألوهة، كما تعني قوة أو إرادة الألوهة. وهو يرى أن هذا العنصر النيوميني في التجربة الدينية هو حالة أولانية
Apriori
للوعي، وتكمن في البنية الأساسية لكل التجارب الدينية.
14
ومنهج أوتو في كتابه منهج سيكولوجي ظاهراتي؛ فلقد حاول وصف البنية الأساسية للدين، ورد الفعل الإنساني على خبرة القدسي، موضحا لا جدوى المقتربات العقلانية في دراسة الدين؛ ذلك أن الدين هو جزء لا يتجزأ من الطبيعة الإنسانية، وموجود معها منذ البداية. وبينما تكون التعبيرات الظاهرية عن الدين عرضة للتغير والتبدل مع الزمن، فإن التكوين السيكولوجي الذي يجعل الدين ممكنا عند الإنسان ثابت لا يتغير.
أكتفي بهذا العدد من التعريفات التي اخترت تقديمها هنا، من أجل رصف مدخل سهل يضعنا في صلب الموضوع. ولعل الاستعراض السريع لما قدمته، يظهر الاختلاف الواسع في وجهات النظر إلى الدين. وهذا الاختلاف لا يرجع في رأيي إلى عدم قابلية الظاهرة الدينية للإحاطة والتعريف، بل إلى التباين في الأفضليات وزوايا النظر. وهذا الوضع لا يقتصر على مادة دراستنا هنا، بل إنه شأن معتاد كلما تعلق الأمر بظاهرة من ظواهر الحياة الإنسانية. فالعائلة الإنسانية مثلا تبدو لناظرها بشكل يختلف باختلاف زاوية نظره؛ فهي لعالم الاجتماع الوحدة الأساسية المكونة للمجتمع، وهي لعالم النفس التربة الخصبة للصحة أو للمرض النفسي ، وللمصلح الاجتماعي وسيلة ضبط وتنظيم جنسي وعاطفي، ولبعض أصحاب الاتجاهات السياسية الجذرية وسيلة قمع في يد الطبقات الحاكمة. وبين هذا وذاك، تبقى العائلة ظاهرة إنسانية قابلة للإحاطة والتعريف، ولكن من منطلق شمولي يهدف إلى الكشف عن ماهيتها دون معيار مسبق، ومن غير السعي إلى تقييمها وإصدار حكم أخلاقي بشأنها. وفي مجال الدين، فإني أرى أن اختلاف وجهات النظر ناجم عن عدم التفريق، غالبا، بين ثلاثة تبديات ملحوظة للظاهرة الدينية مما سأبسطه فيما يأتي.
الفصل الثاني
تبديات الظاهرة الدينية
الدين الفردي، الدين الجمعي، المؤسسة الدينية
تتبدى الظاهرة الدينية في ثلاثة أشكال يمكن وصفها، إما بالمراقبة المباشرة أو بالاستماع إلى شهادات الأفراد عن خبراتهم الشخصية. وهذه الأشكال هي: (1)
Page inconnue