Damas, Ville de Magie et de Poésie
دمشق مدينة السحر والشعر
Genres
تاريخ دمشق السياسي
تاريخ دمشق القديم
استولى الآشوريون والبابليون والفرس والأرمن واليونان والرومان على هذه المدينة، ومنهم من كان تطول أيامهم فيها كالرومان، حكموها سبعمائة سنة، واليونان حكموها 269 سنة، ومنهم من كانت لهم منزل قلعة كالأرمن، استولوا عليها ثماني عشرة سنة، وكان الدمشقيون هم الذين استدعوا صاحب أرمينية لما سئموا تنازع الرومان والفراعنة عليها، والغالب أن الفراعنة لم يستولوا على دمشق، واكتفوا بالاستيلاء على ساحلها غير مرة، ووقعت في أيدي إسكندر المقدوني، ثم في أيدي خلفائه السلوقيين، وفي أيامهم كانت دمشق هيلينية يونانية، كما كانت في عصور كثيرة سريانية آرامية.
وكان شأن دمشق في النكبات شأن العواصم الكبرى إذا اضطرب حبل الأمن في البلاد المجاورة لها، ولا سيما في البوادي والأقاليم، أو تنافس الرؤساء، وكان أكثرهم أشبه بعصابات لصوص، تصاب بأذى كبير فتقف تجارتها وتضعف زراعتها، ويجوع فقيرها بل يزيد فقراؤها؛ لأن كل بائقة تنال الأقاليم المجاورة تحفز المنكوبين من أهلها على الاعتصام بدمشق، وما عرفت هذه المدينة طعم السعادة في أكثر أيام الرومان، وشقيت بهم في آخر عهدهم خاصة، فكانت رومية لا تعد أهلها وطنيين رومانيين، بل غرباء ورعايا، وكثيرا ما كان الدمشقيون يبيعون أولادهم ليؤدوا ما تتقاضاهم رومية من الجزية.
دمشق قبل الفتح العربي
سقطت دمشق في أيدي دولة النبطيين العرب في سنة 85 قبل الميلاد، فتحها الحارث النبطي، فكانت نبطية من سنة 37 إلى سنة 54 للمسيح، وظهر النفوذ العربي في دمشق في عهد مبكر جدا - وهل النبط إلا عرب بأصولهم؟ - وإذ كانت هذه المدينة تحت سلطان أهل الوبر لم يجعل منها الرومان عاصمة ولايتهم، بل جعلوا مدينة حمص قصبتهم، ولم تخضع دمشق خضوعا تاما لأمراء العرب الحاكمين في أرجائها، حتى ولا للغسانيين الذين كانوا عمالا للروم ويرابطون في الجنوب والشمال والشرق، فتتقي دمشق بهم عادية الأعراب.
ولنا بذلك أن نقول: إن اللغة العربية انتشرت في دمشق وأرجائها قبل الفتح الإسلامي بزمن طويل، وسبق إلى نشرها الوثنيون من العرب، ثم متنصرة العرب، وإلى هؤلاء يرجع الفضل في انتشارها، والفتح العربي مدين للمتنصرة العرب لانضمامهم إلى بني قومهم، وكانوا مع الروم يوم الفتح، فغلبت عليهم النعرة الجنسية أكثر من النعرة الدينية لما شاهدوا أعلام الدولة العربية الجديدة.
دمشق في الإسلام
تولى فتح دمشق كل من أبي عبيدة بن الجراح، وخالد بن الوليد، ويزيد بن أبي سفيان من كبار الصحابة، حاصروها بعد وقعة اليرموك أعظم وقائع العرب في الشام، من الشرق والغرب، ففتح نصفها عنوة والنصف الآخر صلحا، فأجراها أمير المؤمنين عمر بن الخطاب صلحا كلها، وذلك سنة 14 من الهجرة 636م، وقبل فتحها فتح خالد بن الوليد غوطتها - أي ضاحيتها - لما جاء من العراق مددا لأهل الشام، وركز العقاب - راية الرسول - في أعلى الثنية، ثنية العقاب التي يقال لها اليوم الثنايا، وهو الجبل الهرمي المشرف على شمال دمشق، وقاتل بني غسان يوم فصحهم، فغلبهم على أمرهم.
وما كان الفاتحون بغرباء عن دمشق لصلاتهم التجارية بأهلها في الجاهلية، وامتزاجهم بساداتها من الروم، وكان أبو سفيان بن حرب شيخ بني أمية كثيرا ما يرحل إليها، وقد زارها في الجاهلية بعض قواد العرب وخلفائهم، فعرفوا مداخلها ومخارجها، وصادفوا من أهلها بعد الفتح موادعة، فعاملوهم معاملة ليس أحسن منها، ولما لحق الروم بعد سقوط دمشق بقومهم في آسيا الصغرى، وخلت بهزيمتهم بيوتهم، أسكن المسلمون فيها بعض رجالهم، وجعلوا في أسفلها المليين، وخصوا أعاليها بأبناء الذمة حتى لا يتأذوا بالمسلمين إذا نزلوا العلالي.
Page inconnue