166

معجم الأدباء = إرشاد الأريب إلى معرفة الأديب

معجم الأدباء = إرشاد الأريب إلى معرفة الأديب

Chercheur

إحسان عباس

Maison d'édition

دار الغرب الإسلامي

Numéro d'édition

الأولى

Année de publication

١٤١٤ هـ - ١٩٩٣ م

Lieu d'édition

بيروت

Genres

ولم يستقصه، وجعله في كافور كان معه وانصرف به، وبقي منفيا مدة، ثم أحدر إلى بغداد فأقام بمنزله مدة. قال أبو عبد الله: فلقيت إسحاق بن إبراهيم الموصلي ثمّ لما كفّ بصره، فسألني عن أخبار الناس والسلطان فأخبرته، ثم شكوت إليه غمي بقطع أذني، فجعل يسلّيني ويعزيني، ثم قال لي: من المتقدم اليوم عند أمير المؤمنين الخاصّ من ندمائه؟ قلت: محمد بن عمر البازيار، قال: من هذا الرجل وما مقدار علمه وأدبه؟ فقلت: أما أدبه فلا أدري، ولكني أخبرك بما سمعت منه منذ قريب:
حضرنا الدار يوم عقد المتوكل لأولاده الثلاثة، فدخل مروان بن أبي الجنوب بن أبي حفصة فأنشده قصيدته التي يقول فيها [١]:
بيضاء في وجناتها ... ورد فكيف لنا بشمّه
فسرّ المتوكل بذلك سرورا كثيرا شديدا، وأمر فنثر عليه بدرة دنانير وأن تلقط وتطرح [٢] في حجره، وأمره بالجلوس وعقد له على اليمامة والبحرين، فقال: يا أمير المؤمنين ما رأيت كاليوم ولا أرى، أبقاك الله ما دامت السماوات والأرض، فقال محمد بن عمر: هذا بعد عمر طويل إن شاء الله [٣] . قال له: فما بلغك من أدبه؟
فقال: أكثر ما يقول للخليفة أبقاك الله يا أمير المؤمنين إلى يوم القيامة وبعد القيامة بشيء كثير. فقال إسحاق: ويلك جزعت على أذنك وغمّك قطعها، لم؟ حتى تسمع مثل هذا الكلام؟ ثم قال: لو أن لك مكّوك آذان أيش كان ينفعك مع هؤلاء؟! قال: ثم أعاده المتوكل إلى خدمته، وكان إذا دعا به قال له: يا عبيد على جهة المزاح. وقال له يوما: هل لك في جارية أهبها لك فأكبر ذلك وأنكره، فوهب له جارية يقال لها «صاحب» من جواريه حسنة كاملة إلا أن بعض الخدم ردّ الطشت [٤] على فمها وقد أرادت أن ترميه فصدع ثنيّتها فاسودّت فشانها ذلك عنده، وحمل كلّ ما كان لها وكان شيئا كثيرا عظيما، فلما مات أبو عبد الله تزوجت «صاحب» بعض

[١] هذا البيت مما فات جامع ديوانه.
[٢] ر: وتترك.
[٣] زاد هنا في م: وقبل.
[٤] الديارات: السبطانة، وهي من آلات الصيد.

1 / 166