وكتبت رواية «شيء من الخوف» معتمدا على هذه القاعدة الشرعية، حتى إذا فرغت منها، وكتبت على الآلة الكاتبة، وفكرت أن أجعل نجيب يقرؤها قبل أن تنشر.
وبينما هو يقرؤها كنت أنا ألتقي بالروائي الكبير والصديق الأصيل فتحي غانم في لجنة القصة بالمجلس الأعلى. وكان في ذلك الحين رئيس مجلس إدارة دار روز اليوسف وصباح الخير طبعا. فرأيت أن أعرض عليه فكرة أن تنشر صباح الخير روايتي الجديدة، فرحب الرجل ترحيبا شديدا.
وحين فرغ نجيب محفوظ من قراءته طالعني برأيه أن الرواية شديدة الوضوح، وقال: «لا أدري إن كنت رأيتها كذلك؛ لأنك أخبرتني عن مضمونها أم لأنني أنا استنتجت هذا، لماذا قلت لي مضمونها؟»
فضحكت وقلت: «وماذا تراني كنت أفعل وفكرة الرواية خطرت لي وأنا سائر معك.»
فقال: «ربنا يستر.»
وبعد أيام قليلة كلمت فتحي، واتفقت معه أن أمر عليه في مكتبه. وهناك قال لي كلمة فيها كثير من المجاملة والتحية. «إذا جاءتني مقالة من طه حسين، فأنا أرسل بها إلى المطبعة فورا، وكذلك حين تجيئني رواية لك، فإني أصنع نفس الصنيع. لقد أرسلت الرواية إلى المطبعة.»
والحقيقة أن تحية الصديق مست قلبي، ولكنني أشفقت أن يفعل ، فإنه لا يرضيني بحال أن يرفت فتحي غانم من وظيفته، هذا إذا لم يتعرض لما هو أشد وأنكى من أجل أن أنشر أنا رواية لي مهما تكن أهميتها.
وقعت في حيص بيص كما يقولون.
كلمت نجيب بك فقال: «لا بد أن تبحث عن طريقة تجعله يقرأ الرواية.»
طلبت فتحي غانم في البيت، وقلت له: «ليس نشر الرواية هو المهم، وإنما المهم أن أعرف رأي روائي أعتز برأيه فيها، فأرجوك أن تقرأها.»
Page inconnue