* الفصل الثالث
* تواريخ بغداد التراجمية
بينا قبل قليل أن تواريخ المدن أو البلدان على نوعين : عني الأول منهما بالتاريخ السياسي والخططي والدنيوي ، فهو تاريخ «حوادث» مختص بمدينة معينة ، والثاني هو تاريخ عني بالتراجم مع مقدمة تطول أو تقصر عن المدينة ، ثم يذكر التراجم حسب الترتيب الذي يعرض فيه مادته. وهذا النوع هو الذي قصدناه بهذا العنوان ، نسبة إلى «التراجم» (1)، لأن كتابنا هذا من كتب التراجم ، فهو الأولى بمثل هذه الدراسة.
ومع أن مدينة السلام بغداد قد أسست منذ منتصف المئة الثانية وصارت في مدة قصيرة معدن العلم والعلماء وعاصمة الدولة الإسلامية المترامية الأطراف ، فإن أحدا من العلماء لم يفكر في تأليف كتاب خاص برجالاتها من الخلفاء والأمراء والعلماء والأدباء وذوي الشأن ممن سكنها أو وردها ، إلا في منتصف المئة الخامسة حينما ألف أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت الخطيب البغدادي تاريخه المشهور.
نعم ، ذكر إسماعيل باشا البغدادي «تاريخ بغداد» لأبي القاسم محمد بن حبيب النيسابوري المتوفى سنة 245 ه (2). ومثل هذا الاسم في هذه الطبقة لا وجود له في كتب الرجال والتراجم ، فلعله مخلوط من اسمين أو أكثر ، فمحمد ابن حبيب المتوفى سنة 245 ه هو صاحب كتاب «المحبر» وهو لم يكن
Page 34