* الفصل الثاني
* تواريخ المدن والبلدان
عني العرب المسلمون بتأليف الكتب التي تعنى بتاريخ بلد معين أو مدينة معينة. وقد بينا في الفصل الأول أن هناك فرقا واضحا بين التنظيم على البلدان وكتابة التاريخ لبلد بعينه ، حيث أن تواريخ المدن هي تواريخ محلية لا تتعدى تناول تاريخ مدينة بعينها ، ثم نلاحظ نوعين متميزين منها :
1 الأول عني بخطط المدينة وتاريخها السياسي من غير عناية برجالها أو علمائها أو من ورد إليها من العلماء والأدباء والمحدثين ؛ مثل «أخبار المدينة» لابن زبالة الذي كتب في حدود سنة 199 ه و «أخبار مكة» للأزرقي المتوفى سنة 344 ه و «تاريخ بغداد» لأحمد بن أبي طاهر طيفور المتوفى سنة 280 ه ، و «تاريخ بخارى» لأبي جعفر البرسخي المتوفى في منتصف المئة الرابعة للهجرة النبوية (1) وغيرها.
2 أما النوع الثاني فإنه يمثل اتجاه المحدثين في الكتابة التاريخية بصورة واضحة ، وهو تاريخ غالبا ما كان يكتبه واحد من أهل تلك المدينة ويحتوي على مقدمة ، تطول أو تقصر حسب مزاج المؤلف ومنهجه واهتمامه ، ثم يبدأ بذكر أهل بلده والقادمين إليه من المشهورين والأعلام ولا سيما أولئك الذين عنوا بالعلم والرواية. وهذا النوع من التواريخ المحلية هو الذي انتشر واستمر في مناهج المؤرخين وصارت له الغلبة حتى لم نعد نسمع بمدينة معروفة إلا وقد وضع لها تاريخ من هذا النوع.
Page 29