على النسب ظاهرا في طبقات خليفة عند كلامه على التابعين في الكوفة والبصرة والمدينة ، ولا يتجاوز هذا الأساس إلا في موضع واحد فقط عند ذكره للطبقة الثانية من التابعين في المدينة ، فقد قدم أبناء المهاجرين على غيرهم معتبرا السابقة في الإسلام ، ولكنه عاد بعد ذلك إلى الترتيب النسبي. وقد حافظ خليفة ابن خياط على النسق الذي اتبعه في تسلسل القبائل من بداية كتابه حتى يتلاشى عنده الترتيب على النسب بعد التابعين ، مما يؤكد أن تسلسل القبائل عنده لم يكن مجرد ترتيب عرضي بل هو أمر مقصود قائم على فكرة القرابة من النبي صلى الله عليه وسلم ، وهو بذلك يتابع كتب الأنساب. ثم يختفي الترتيب على النسب بعد طبقة التابعين ، ولا يظهر إلا في القسم الأخير الذي خصصه للنساء» (1).
أما محمد بن سعد فقد مزج بين الترتيب استنادا إلى السابقة في الإسلام والنسب ، فقد قسم الصحابة إلى طبقات حسب قدم إسلامهم ، لكنه في الوقت نفسه نظم كل طبقة حسب النسب ابتداءا ببني هاشم ثم بقية بطون قريش ثم مضر ، فالأوس والخزرج ، وهلم جرا ، لكنه كان قليل المراعاة لهذا الأمر كلما تقدم في التابعين ثم من بعدهم.
إن ترتيب كتب الرجال على أسس الأنساب لم يتقدم وبدأ بالتلاشي منذ مدة مبكرة لقلة فاعليته وصعوبة الاستمرار في السير عليه نظرا لعدة عوامل من أبرزها :
1 اتساع رقعة الإسلام ودخول غير العرب فيه وبروز العديد من العلماء والمحدثين من غير العرب مما يصعب سلكهم في هذا التنظيم.
2 إن العناية بالأنساب ارتبطت غالبا في مجتمعات القرن الأول التي اعتزت بأنسابها اعتزازا كبيرا نظرا لقربها من عهد القبيلة ولارتباط مصالحاها الاجتماعية والاقتصادية بقبائلها ، فلما ضعف دور القبيلة ضعف معه العناية بالنسب.
Page 18