نفسها التي تناولها كتابه «تذكرة الحفاظ» ورتب كتابه الثالث «سير أعلام النبلاء» على أربعين طبقة مع أن المدة الزمنية التي تناولها هي نفسها التي تناولها في كتابيه السابقين.
ومن هذا الذي قدمنا يتضح لنا أن الذهبي لم يراع الوحدة الزمنية الثابتة في جميع هذه الكتب. أما كتابه «المعين في طبقات المحدثين» فقد جعل الطبقات الأولى فيه تتخذ أسماء المشهورين فيها من نحو قوله «طبقة الزهري وقتادة» و «طبقة الأعمش وأبي حنيفة» و «طبقة ابن المديني وأحمد» وهلم جرا ، إلا أنه غير هذه الطريقة حينما وصل إلى مطلع المئة الثالثة حيث صار يستعمل السنوات التقريبية في الطبقة نحو قوله : «الطبقة الذين بقوا بعد الثلاث مئة وإلى حدود العشرين والثلاث مئة و «طبقة من الثلاثين إلى ما بعد الخمسين وخمس مئة». ويتبين من دراسة هذه الوحدات الزمنية التي ذكرها أن الطبقة قد تكون في حدود عشرين سنة أو خمس وعشرين أو ثلاثين سنة. أما تقسيمه لتاريخ الإسلام إلى سبعين طبقة وجعله الطبقة عشر سنين فهو أسلوب تنظيمي حسب لا علاقة له بأدب التنظيم على الطبقات ، كما بيناه مفصلا في موضع آخر (1).
لقد أثر نظام الطبقات الذي اخترعه المحدثون بأساليب عرض كتب التراجم التي عنيت بغيرهم ، فاتبعته ولم تشذ عن طريقة أهل الحديث كثيرا ، فنظموا كتبا في القراء ، والفقهاء ، والصوفية والزهاد ، والأدباء ، والشعراء ، والنحاة ، وغيرهم على الطبقات ، وهي كتب معروفة منتشرة مشهورة.
** ثانيا : التنظيم على الأنساب :
عني العرب بأنسابهم قبل الإسلام ، واستمرت هذه العناية في الإسلام ، فقد نظم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة حين أصدر دستورها الأول «الصحيفة» على عشائرها.
وقامت تنظيمات الدولة الإسلامية الاجتماعية والاقتصادية في القرن الأول
Page 16