في ازدياد الإنسان في الفضائل والرذائل بتعاطيها
كل متعاطٍ لفعل من الأفعال النفسية فإنه يتقوى به بالازدياد منه، إن خيرًا فخير وإن شرًّا فشر، فباحتمال صغار الأمور يمكن احتمال كبارها، وباحتمال كبارها يستحق الحمد كما قال أمير المؤمنين ﵁: " الإيمان يبدو نكتة بيضاء في القلب، كلما ازداد
الإيمان ازداد ذلك البياض، وإذا استكمل العبد الإيمان ابيضَّ قلبه كله، وإن النفاق ييدو لمظة سوداء، وكلما ازداد النفاق ازداد ذلك السواد، فإذا استكمل النفاق اسودَّ القلب كله.
والإنسان يكمل في الفضيلة بأربع درجات:
اثنين في الاعتقاد، وهما: أن يعتقد الجميل ويجعل اعتقاده عن براهين واضحة وأدلة قاطعة، لا عن شبهات واهية، وإقناعات متداعية.
واثنين في الفعل؛ وهما: أن يترك العادات السيئة فيجعلها بحيث يبغضها فبتجنب الرذيلة يتوصل إلى الفضيلة، وأن يتعود العادات الحسنة فيجعلها بحيث يؤثرها ويتنعم بها، كما قال ﷺ: " وجعل قرة عيني في الصلاة ".
وكما أنه يكمل بأربع درجات فإنه ينتكس بأربع درجات:
درجتين في الاعتقاد، وهما: أن لا يعتقد شيئًا من العلوم الحقيقية فيبقى عنها غفلًا، وأن يعتقد عن تقليد اعتقادًا فاسدًا، فيتلطخ به.
ودرجتين في العمل، وهما: أن لا يتعود العادة الجميلة رأسًا، وأن يتعود العادة القبيحة.
فمن صار في الفضيلة إلى الدرجة الرابعة فهو ممن شرح اللَّه صدره للإسلام فهو على نور من ربه، ومن صار في الرذيلة إلى الدرجة الرابعة فهو من الذين وصفهم اللَّه تعالى بقوله: (أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ (٢٣)
ثم قال:
1 / 101