بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
نسأل اللَّه تعالى أن يجعل لنا بجوده الذي هو سبب الوجود - نورًا يهدينا إلى الإقبال عليه، ويميل بنا إلى الإصغاء إليه، ويدلنا على حسن معاملته، والقوة على النفاذ في طاعته، وأن يجعلنا من جملة من ضمن أن يحرسهم من غائلة الشيطان، حيث قال: إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ)، وجعلهم الشيطان مثنوية اليمين حيث قال: (قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (٨٢) إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ (٨٣) .
مقدمة المؤلف
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
قال الشيخ أبو القاسم الحسين بن محمد بن المفضل الراغب ﵀: كنت قد أشرت فيما أمليته من كتاب " تحقيق البيان في تأويل القرآن " إلى الفرق بين أحكام الشريعة ومكارمها، فإن المكارم المطلقة هي اسم لما لا يتحاشى من وصف الباري جل ثناؤه بها أو
بأكثرها) نحو الحكمة، والجود، والحلم، والعلم، والعفو، وإن كان وصفه تعالى بذلك على حد أشرف مما يوصف به البشر، وإن الأحكام تتناول ذلك وتتناول) العبادات.
وإنه باكتساب المكرمة يستحق الإنسان أن يوصف بكونه خليفة اللَّه المعني
بقوله: (إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً)، وبقوله تعالى: (وَيَسْتَخْلِفَكُمْ فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ (١٢٩) .
1 / 59