وما أجد شيئا يا أمير المؤمنين جعلني الله فداك هو أبلغ في قضاء حقك وتوفير مجلسك [مع ما] من الله تعالى علي به من مجالستك والنظر إلى وجهك من أن أذكر نعمة الله تعالى عندك وأنبهك على شكرها وما أجد في ذلك شيئا هو أبلغ من حديث من تقدم قبلك من الملوك فإن أذن لي أمير المؤمنين أخبرته.
وكان متكئا فاستوى جالسا، فقال:
هات يا ابن الأهتم؟.
فقلت: يا أمير المؤمنين: إن ملكا من الملوك خرج قبلك في عام مثل عامنا هذا إلى الخورنق والسدير في عام قد بكر وسميه وتتابع وليه وأخذت الأرض فيه زينتها من اختلاف ألوان نبتها من نور ربيع مونق، فهو في أحسن منظر وأحسن مخبر وأحسن مستمطر بصعيد كأن ترابه قطع الكافور حتى لو أن بضعة لحم ألقيت فيه لم تترب.
وكان قد أعطي منى النفس مع الكثرة والغلبة والنماء.
ونظر فأبعد النظر فقال: لمن هذا الذي أنا فيه؟
هل رأيتم مثل هذا الذي أنا فيه؟
هل أعطي أحد مثل ما أعطيت؟
وعنده رجل من بقايا جملة الحجبة والمصر على أدب الحق ومنهاجه فقال له:
أيها الملك: إنك قد سألت عن أمر أفتأذن في الجواب؟
فقال: نعم.
قال: أرايتك هذا الذي أعجبت به:
أهو شيء لم تزل فيه، أم هو شيء صار إليك ميراثا عن غيرك وهو زائل عنك وصائر إلى غيرك كما صار إليك؟
Page 184