حدثنا زكريا بن يحيى حدثنا العتبي قال:
دخل أعرابي على سليمان بن عبد الملك فقال له: يا أمير المؤمنين:
إني مكلمك بكلام فاحتمله إن كرهته، فإن من ورائه ما تحب وإن كرهت أوله.
فقال سليمان: إنا لنجود بسعة الاحتمال على من لا نرجو نصيحته، ولا نأمن غشه، وأنت الناصح جيبا، والمأمون غيبا.
قال: يا أمير المؤمنين: أما إذ أمنت بادرة غضبك فإني أقول تأدية لحق الله وحق رعيتك:
يا أمير المؤمنين: إنه قد تكنفك رجال أساءوا الاختيار لأنفسهم فابتاعوا دنياك بدينهم، ورضاك بسخط ربهم، خافوك في الله، ولم يخافوا الله فيك، فهم حرب الآخرة سلم الدنيا، فلا تأمنهم على ما ائتمنك الله عليه، فإنهم لا يألون الأمانة تضييعا والأمة عسفا، وأنت مسئول عما اجترحوا وليسوا المسؤولين عما اجترحت، ولا تصلح دنياهم بفساد آخرتك، فإن أعظم الناس جرما من باع آخرته بدنيا غيره.
فقال سليمان: يا أعرابي: أما أنت فقد سللت لسانك فهو أقطع من سيفك!
فقال: أجل يا أمير المؤمنين: لك لا عليك!
* قرأت على أبي القاسم منصور بن النعمان بن منصور الصيمري في منزله بالفسطاط: أخبرك أبو مسلم محمد بن أحمد بن علي الكاتب قال:
Page 174