قال: فيكون ماذا بعد هذا؟
قالوا: الحشر.
قال لهم: ما الحشر؟
قالوا: يوم يقوم الناس لرب العامين فيجزي كل واحد على قدر سيئاته وحسناته.
قال: ولكم دار غير هذه تجازون فيها؟
قالوا: نعم.
فرمى بنفسه من الفرس وجعل يعفر وجهه في التراب، وقال لهم:
من هذا كنت أخشى!
كاد هذا أن يأتي علي ولا أعلم به!
أما ورب يعطي ويحشر ويجازي:
إن هذا آخر الدهر بيني وبينكم، فلا سبيل لكم علي بعد هذا اليوم.
فقالوا: لا ندعك حتى نردك إلى أبيك.
قال: فردوه إلى أبيه وكان ينزف دمه.
فقال له: يا بني: ما هذا الجزع؟
قال: جزعي ليوم يعطى فيه الصغير والكبير مجازاتهما على ما عملا من الخير والشر.
فدعا بثياب شعر فلبسها، وقال:
إني عازم الليل أن أخرج.
فلما كان نصف الليل أو قريب منه خرج، فلما أن خرج من باب القصر قال:
Page 154