Defense of the Sunnah and Refuting the Orientalists' Misconceptions
دفاع عن السنة ورد شبه المستشرقين ط مكتبة السنة
Maison d'édition
مكتبة السنة
Numéro d'édition
الأولى
Année de publication
١٩٨٩ م
Genres
الإنصاف، وذلك كالأحاديث الواردة في صفة الجنة ونعيمها والنار وعذابها ونحو ذلك.
[د] وقد يكون متن الحديث من الأخبار التي كشف العلم عن مساتيرها واعتبرت من المعجزات النبويَّة إلى أنْ جاءت الأيام بتصديقها وذلك مثل الحديث الصحيح: «إِذَا وَلَغَ الْكَلْبُ فِي إِنَاءِ أَحَدِكُمْ فَلْيَغْسِلْهُ سَبْعًا إِحْدَاهُنَّ بِالتُّرَابِ». فقد أثبت بعض الأطباء (١) أثر التراب الفَعَّالِ في قتل وإزالة الميكروب المتخلف عن سُؤْرِ الكلب، على حين كان بعض المارقين يعتبرون مثل هذا مجازفة وتعنُّتًا في التشريع، وأما المؤمنون فكانوا يعتبرونه من قبيل التَعَبُّدِ حين خفيت عنهم الحكمة.
أرأيت أيها المُنْصِفُ لو أنَّ العلماء المُحَدِّثِينَ تَمَسَّكُوا بالنظر السطحي وتسرَّعوا في الحُكْم ببطلان هذا الحديث وأمثاله مِمَّا خفي وجه الحكمة فيه ثم ظهرت بعد ذلك الحكمة واضحةً، ألاَ يكون ذلك جهالة في البحث وقصورًا في النظر، وَإِجْحَافًا بحق صاحب الرسالة ﷺ؟ ثم ألاّ ترى معي أنَّ المُحَدِّثِينَ كانوا على حَقٍّ في المسلك الذي انتهجوه؟ ما زعمه في [ص ٦]: «من أنَّ المُحَدِّثِينَ جميعا أهملوا أمرًا خطيرًا كان يجب أنْ يعرف قبل النظر في هذا العلم ودرس كتبه، ذلك هو البحث عن حقيقة النص الصحيح لما تحدَّث به الرسول - صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِ - وهل أمر بكتابة هذا النص أو تركه ونهى عن كتابته وهل دَوَّنَ الصحابة ومن بعدهم أو انصرفوا عن تدوينه؟ وهل ما روي قد جاء مطابقًا لحقيقة ما نطق به النَّبِي لفظًا ومعنى أو كان مخالفًا له؟ ... ثم في أَيِّ زمن دَوَّنَ ما حملته الرواية منه؟ ... وماذا كان موقف علماء الأمَّة منه ... إلخ ما قال».
زعم ليس له ما يؤيِّده ولا يخرج عن كونه إجحافًا صارخًا بحق أئمة الحديث فيما أفنوا أعمارهم فيه، فهذه المباحث التي عرض لها وغيرها قد أكثر العلماء فيها البحث والتمحيص، ووجدتُ في عشرات من كتب أصول الحديث، وبحسبك أنْ ترجع إلى " علوم الحديث " للحاكم أبي عبد الله والإمام ابن الصلاح، و" ألفية الحديث " للحافظ العراقي، و" التدريب " للإمام النووي، و" الباعث الحثيث "
_________
(١) " الإسلام والطب " للدكتور محمد وصفي: ص ٢٨٦.
1 / 45