248

Défense contre l'objection rationaliste aux hadiths liés aux questions de croyance

دفع دعوى المعارض العقلي عن الأحاديث المتعلقة بمسائل الاعتقاد

Maison d'édition

مکتبة دار المنهاج

Numéro d'édition

الأولى

Année de publication

١٤٣٥ م

Lieu d'édition

للنشر والتوزيع - الملكة العربية السعودية الرياض

Genres

تقرر في الأُصول أَنَّ الجمع مقدم على الترجيح (^١)
فإذا أمكن الجمع بين الدليلين فليس من السَّائغ إعمال أحدهما جزافًا، فإنَّ حقيقة ذلك رغبة عن السُّنّة التي هي بيان للقرآن بنصِّ كتاب الله تعالى: ﴿وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ (٤٤)﴾ النحل؛ فضلًا عنْ أنّ ذلك نَظَر للشَّريعة بعين النَّقصِ لا الكمال؛ فمن الثابت أنّ الدَّلائل لا تتناقض، والعدول إلى الترجيح مع إمكان الجمع ليس من طرائق المحققين من أهل العلم.
وما تقرر في علم الأصول من اشتراط ذينك الأمرين حتى يصح المصير إلى الترّجيح =لم يكن مُتحقِّقًا فيما استدلُّوا به، ووجْهُ ذلك: أنَّ الآية ليست نصًّا في الدَّلالة على عصمة النبي ﷺ من الإصابة بالسحر؛ ذلك لكون الآية فيها إجمال هذا الإجمال لا يتّضح بيانه إلَاّ بتقدير محذوف دل عليه السِّياق، وهو المعروف عند الأُصوليين بدلالة " الاقتضاء"، ولولا هذا التقدير لفُهم من الآية ما هو خلاف المقصود منها قَطعًا؛ إذ يستحيل أن يكون المقصود بها أَنَّ الله يعصمه من أَشخاص النَّاس؛ إذ كيف يقال ذلك وهو في الأَصل مُرْسَلٌ إليهم فوجب حينئذ المصير إلى التقدير وهذا المقدر لا يخلو:
إمَّا أن يكون أَذى النَّاس، وهذا غير صحيح؛ لأنَّ كلَّ من له أَدنى اطلاع على سيرته ﷺ يعلم أنَّه ﷺ، قد ناله من الأَذى كالشَّتم، وإدماء عقبه ﷺ، وكسر رباعيته، وتأثره من سمِّ اليهودية، وغير ذلك من صنوف الابتلاء التي أراد الله له بها رِفعة المنزلة، وجعله قدوة للسَّائرين على سنته ودربه.

(^١) انظر: "شرح الكوكب المنير"لابن النجار (٤/ ٦٠٩)، و"المستصفى"للغزالي (٢/ ٣٩٥)

1 / 258