وأول ملكه بمكة في سنة تسع وعشرين وستمائة، وذلك أنه بعث في هذه السنة إلى مكة أميرا يقال له ابن عبدان مع الشريف راجح بن قتادة، فنزلوا الأبطح وحصروا الأمير الذي بمكة من جهة الملك الكامل، وكان يقال له طغتكين(1) وأرسل الشريف راجح بن قتادة إلى أصحاب طغتكين، وذكرهم إحسان نور الدين إليهم أيام ولايته على مكة نيابة عن الملك المسعود، فمال إليه رؤساؤهم، فهرب طغتكين إلى ينبع. وعرف الملك الكامل الخبر فجهز جيشا كثيفا من مصر، وأمر الشريف أبا سعد صاحب ينبع والشريف شيحة أمير المدينة أن يكونا مع عسكره، فلما وصل العسكر إلى مكة قاتلوا راجحا وابن عبدان، فقتل ابن عبدان وانكسر أهل مكة، واستولى عليها طغتكين.
فلما كان سنة إحدى وثلاثين جهز السلطان نور الدين عسكرا جرارا، وخزانة عظيمة إلى راجح بن قتادة، فنهض راجح بمن معه من العسكر فأخرجوا من بمكة من عسكر صاحب مصر.
ثم كان بين السلطان الملك المنصور و[بين](2) صاحب مصر حروب كثيرة (في مكة)(3) اختصرت ذكرها أنا. وآخر ذلك أن الملك المنصور نور الدين أرسل إلى الشريف أبي سعد صاحب ينبع، فوصل إليه وأكرمه واشترى منه قلعة ينبع وأمر بخرابها حتى لا يبقى للمصريين قرار، ثم لم تزل مكة في ولاية الملك المنصور حتى مات مقتولا في ليلة السبت تاسع ذي القعدة سنة سبع وأربعين وستمائة بقصر الجند. قتله مماليكه بتشجيع ابن أخيه الأمير أسد الدين محمد بن الحسن فيما قيل لأن عمه أراد عزله من صنعاء، وكانت إقطاعه ليوليها [الملك](4) المنصور لأبنه الملك المظفر يوسف.
قال فيه: ولا منافاة لنسبته إلى التركمان ونسبته إلى غسان لأنه يجوز أن يكون أحد أجداده نزل في بلاد التركمان فنسب إليهم وسرت هذه النسبة إلى أولاده من بعده، والله أعلم.
Page 193