L'État omeyyade en Syrie
الدولة الأموية في الشام
Genres
سابعا: «المختار يدعي مبادئ جديدة في الإسلام، كرسي علي عند شيعته كالتابوت عند بني إسرائيل»: أحب المختار أن يصبغ مبادئه السياسية بصبغة دينية تؤثر في قلوب العامة من أتباعه، فادعى أنه يوحى إليه، واخترع «مبدأ البدء»، ويفسره لنا الشهرستاني بقوله: «ومن مذهب المختار أنه يجوز البدأ على الله تعالى، والبدأ له معان: البدأ في العلم وهو أن يظهر له خلاف ما علم، والبدأ في الإرادة وهو أن يظهر له صواب على خلاف ما أراد وحكم، والبدأ في الأمر وهو أن يأمر بشيء ثم يأمر بعده بخلاف ذلك، وإنما صار المختار إلى اختيار القول بالبدأ لأنه كان يدعي علم ما يحدث من الأحوال، إما بوحي يوحى إليه وإما برسالة من قبل الإمام، فكان إذا وعد أصحابه بكون شيء وحدوث حادثة فإن وافق كونه قوله جعله دليلا على صدق دعواه، وإن لم يوافق قال قد بدا لربكم.»
89
ثم أتى بكرسي قديم قد غشاه وعصبه بالحرير والديباج وزينه بأنواع الزينة، وكان يخرج به على بغل يمسكه عن يمينه سبعة وعن يساره سبعة، وادعى أن به قوة معنوية، فإذا حارب خصومه ووضعه في براح الصف فلهم الظفر والنصرة؛ لأن فيه «السكينة والبقية والملائكة من فوقكم ينزلون مددا لكم»،
90
وطالما ذكر لهم أن هذا الكرسي محله فيهم كمحل التابوت في بني إسرائيل، وإذا علمنا بعد ذلك أن المختار أخذ يعتمد على الأعاجم الفرس، فلا بدع أن يأتي لهم بمثل هذه المبادئ القريبة من أفهامهم والمغروسة في دمائهم.
وللشعراء العرب قصائد جمة في وصف هذا الكرسي، وهي كلها تقريبا تظهر لنا كفرهم به واستصغارهم إياه، قال أعشى همدان:
شهدت عليكم أنكم سباية
وأني بكم يا شرطة الشرك عارف
وأقسم ما كرسيكم بسكينة
وإن كان قد لفت عليه اللفائف
Page inconnue