L'État omeyyade en Syrie
الدولة الأموية في الشام
Genres
80
وقد استمال المختار هذه الوفود فأكدت صدق دعوته للناس بقولها: «كنا أحببنا أن نتثبت لأنفسنا خاصة ولجميع إخواننا عامة، فقدمنا على المهدي ابن علي فسألناه عن حزبنا هذا وعن ما دعانا إليه المختار منها فأمرنا بمظاهرته ومؤازرته وإجابته إلى ما دعانا إليه، فأقبلنا طيبة أنفسنا منشرحة صدورنا، وقد أذهب منها الشك والغل والريب.»
81
وما فتئ المختار منذ ذلك الحين يلقي الخطب إثر الخطب في المجالس، وكلها ترمي إلى الدعوة لابن الحنفية بواسطته، فترى أن الرجل عرف كيف يستفيد من أقوال ابن الحنفية المبهمة الصادرة عن قلب طيب ونفس زكية تحب العافية وترجو السلام وتود أن لا تسفك الدماء باسمها، فأعلن عن رغبته هذه بكتاب بعثه له: «... وأن أحب الأمور كلها إلي ما أطيع الله فيه، فأطع الله ما استطعت فيما أعلنت وأسررت، واعلم أني لو أردت القتال لوجدت الناس إلي سراعا والأعوان لي كثيرا، ولكني أعتزلهم وأصبر حتى يحكم الله لي وهو خير الحاكمين.»
82
وأوصاه مرة بالكف عن القتال، فروى الطبري أنه ذكر: «قل للمختار فليتق الله وليكفف عن الدماء.»
83
ثانيا: «المختار يستميل كبار الزعماء إلى حزبه ويطمعهم بالفوائد المالية»: علم المختار حق العلم أن لا سبيل إلى اجتذاب قلوب الزعماء أرباب المصالح إلا بمنحهم ما تصبو إليه نفوسهم من المناصب، وما تتوق إليه ذواتهم من الأرباح المادية، فكتب رسالة عن لسان ابن الحنفية إلى إبراهيم بن الأشتر سيد الكوفة، وبها يؤكد على أنه إن نصره وأطاعه وطلب دماء أهل بيته فله كل ثغر ظهر عليه فيما بين الكوفة وأقصى بلاد الشام، فاستماله وبسط له يده فبايعه على الجهاد في أعدائه. وليس بوسعنا أن نمر بهذه الرسالة دون أن نثبت أنها مزورة ليس عليها مسحة من الحقيقة، نستشهد على ذلك بما قاله الشعبي وهو يتهم المختار بأن الكتاب مزور، وأن من شهد بصحته كاذب.
قال الشعبي: «أنا والله لهم على شهادتهم متهم، غير أنه يعجبني الخروج، وأنا أرى رأي القوم وأحب تمام ذلك الأمر، فلم أطلعه على ما في نفسي من ذلك»،
84
Page inconnue