L'État omeyyade en Syrie
الدولة الأموية في الشام
Genres
السبب الرابع: «التوابون يرفضون مساعدة ابن الزبير»: أراد ابن الزبير أن يستفيد من التوابين، فجرب أن يقنع زعماءهم في الانضمام إليه والانتصار له، فأبوا أن يقاتلوا في صفوفه لئلا يكونوا سلما يرقى عليه لمطامعه وآلة هنية لينة يديرها كيفما شاء، ولقد حاول أنصار ابن الزبير أن يؤكدوا للتوابين أن الأمويين أعداء لكلا الطرفين على السواء، وعرضوا عليهم المساعدات المالية فما أعاروهم أذنا صاغية ولا قلبا واعيا؛ لأن دعوتهم معينة مفهومة لا تتجاوز طلب الثأر للحسين وإرجاع الإمامة لأهلها من العلويين.
إن التوابين لم يفيدوا الزبيريين الإفادة الكلية إذا لم ينضموا إليهم، ولكنهم شاغلوا الأمويين في الساحة العراقية مدة ليست بالقليلة، استراح في خلالها ابن الزبير وهيأ الأسباب القوية لمناجزتهم في معركة فاصلة، فقال دعاة ابن الزبير للتوابين لإقناعهم: «أنتم إخواننا وأهل بلدنا وأحب أهل مصر خلقه الله إلينا، فلا تفجعونا بأنفسكم ولا تستبدوا علينا برأيكم، ولا تنقصوا عدونا بخروجكم من جماعتنا، أقيموا معنا حتى نتيسر ونتهيأ، فإذا علمنا أن عدونا قد شارف بلدنا خرجنا إليهم بجماعتنا فقابلناهم.»
59
وذكر المؤرخون أن ابن الزبير لم يتأخر عن بذل الأموال لهم، فيروي الطبري: «عرضوا على سليمان أن يقيم معهم حتى يلقوا جموع أهل الشام على أن يخصوه وأصحابه بخراج «جوخي» خاصة لهم دون الناس»،
60
وكان يعتقد التوابون أن القتال مع ابن الزبير ضلال في ضلال، قال سليمان في ذلك: «... ولا أرى الجهاد مع ابن الزبير إلا ضلالا، وإن نحن ظهرنا رددنا هذا الأمر إلى أهله، وإن أصبنا فعلى نياتنا تائبين من ذنوبنا، إنا لنا شكلا ولابن الزبير شكلا.»
61
السبب الخامس: «أهل المدائن يتأخرون عن اللحاق بإخوانهم التوابين»: أجمع التوابون أن يكون معسكرهم في النخيلة، وموعد اجتماعهم في ربيع الثاني سنة 65ه/684م، وذلك لتعبئة صفوفهم ولتهيئة الخطط الحربية الضرورية قبل الزحف لملاقاة الجيوش الأموية القادمة بقيادة عبيد الله بن زياد، فلم يوافهم أنصارهم من أهل البصرة وأهل المدائن للميعاد المضروب بينهم، وقد أقعدهم عن اللحاق بهم قلة النفقة وسوء العدة، فأقاموا مدة يتجهزون، فانتهز الأمويون الفرصة وناجزوا التوابين الوقيعة في «عين الوردة» قبل قدوم الإمداد لهم فكسروهم شر كسرة.
المعركة
أقام التوابون يوما وليلة بالقرب من قبر الحسين قبل زحفهم للقتال، يثيرون أحقادهم ويشعلون نار الضغائن في صدورهم ويستفزون هممهم لطلب الثأر بالبكاء على الحسين، وقد ازدحموا حول قبره ازدحاما شديدا يترحمون عليه ويستغفرون له ولأنفسهم، فزادهم هذا حنقا على حنق وألما على ألم، ثم ساروا لملاقاة عدوهم الزاحف إليهم من دمشق بطريق الرقة، فانتهوا إلى عين الوردة، ورسم لهم حاكم قرقيسيا الخطة الحربية التي يجب أن يسيروا بحسبها، وهي تأمرهم بالانتباه إلى حماية خط الرجعة لئلا يفقدوا الماء والمادة والذخيرة من أيديهم، وأن لا ينازلوا أعداءهم في فضاء وسيع يتم لهم به الالتفاف حولهم، وأن يشاغلوهم بالكتائب بدلا من النزول إليهم دفعة واحدة في صف واحد.
Page inconnue