Le raid d'Alexandrie
ضرب الإسكندرية في ١١ يوليو
Genres
ومسألة وراثة العرش قد نشأت في مصر وتركيا في وقت واحد، ولكنها تمت في مصر ولم تتم في تركيا إلى أن فارقها آخر خليفة من بني عثمان.
وكانت التقاليد العثمانية في وراثة العرش أن يتعاقب العرش الأكبر فالأكبر من أمراء الأسرة المالكة، ولم يكن «محمد علي الكبير» يشغل باله بتعديل هذا النظام؛ لأن ابنه الأكبر إبراهيم كان أكبر الأمراء بطبيعة الحال، ولعله كان ينوي أن يقرره على أساس ثابت لولا المرض الذي أصابه في أخريات حياته فاضطره إلى الاعتزال.
وقد بدأ الخلاف بين إبراهيم وعباس الأول ابن أخيه طوسن، فخاف عباس على نفسه وسافر إلى الحجاز، فلما استدعي للولاية بعد وفاة إبراهيم ضيق الخناق على أبناء أخيه جميعا، واتهم إسماعيل بقتل أحد خدمه؛ لأنه علم أن الأمراء متفقون على شكايته إلى السلطان، فأراد أن يشعره بمقتهم عنده، وقد سافر الأمراء فعلا إلى الآستانة وبقي إسماعيل فيها بعد عودة إخوته إلى القاهرة والإسكندرية.
وقد عرف في عهد عباس أنه كان يسعى لتعديل نظام الوراثة واختيار ابنه الأمير «إلهامي» وليا لعهده، وفي سبيل موافقة الدولة على هذا التعديل أفرط في الخضوع لمطالبها وسير الجيوش المصرية إلى نجدتها في حربها مع الروسيا. ولكنه لم يوفق لتعديل نظام الوراثة، وفوجئ بالقتل قبل تحقيق رجائه، وقيل: إن لمقتله علاقة بمسألة الوراثة، وإنه دبر في الآستانة.
وبعد إخفاق الحركة التي قام بها محافظ العاصمة لإقامة «إلهامي باشا» على العرش آلت الأريكة إلى «محمد سعيد باشا»، فحدثت في أيامه حادثة فاجعة غيرت ترتيب المرشحين لولاية العهد؛ وهي حادثة غرق الأمراء في كفر الزيات لإهمال ربط المركبات على القنطرة المتحركة، ونجا «إسماعيل» من الغرق لأنه استدعي في اللحظة الأخيرة قبل سفر القطار من الإسكندرية.
وبقي من الأمراء، مرشحان لولاية العهد، «مصطفى فاضل بن إبراهيم» و«عبد الحليم بن محمد علي» - وكان لنحافته قد تمكن من مغادرة المركبة الغارقة من إحدى نوافذها - فاستطاع «إسماعيل» لأسباب كثيرة أن ينقل ولاية العهد إلى أكبر أبنائه «محمد توفيق»، ومن هذه الأسباب أن السلطان «عبد العزيز» نفسه كان يفكر في تعديل نظام الوراثة، وأن إقامة «إسماعيل» في الآستانة عرفته بأصحاب النفوذ فيها وفتحت له مسالكها.
وقد كان تعديل نظام الوراثة مريحا لأولياء الأمر في مصر، متعبا لهم في الآستانة؛ لأن الأمراء المحرومين لجئوا إليها ودأبوا على خلق المشكلات لإسماعيل وأبنائه، وتحريض السلاطين والصدور - رؤساء الوزارات - عليهم في كل مناسبة، وقد كانت الدول الأجنبية تستغل هذه المشكلات وتتذرع بها لتهديد الخديويين والسلاطين على حسب المصالح والأهواء.
وقد دعت الدولة ولاة مصر من عهد «محمد علي» إلى عهد «إسماعيل» لنجدتها في حروبها، فكانت نجدة مصر من الأسباب التي جعلت الدول تتواطأ على إضعاف جيشها وتقييد عدده وعدته، وتأييد السلطان في سياسة إضعاف الجيش المصري بعد هزيمة تركيا أمام الحملات المصرية. وقد كانت إنجلترا تحذر سلاطين آل عثمان من تجريد الحملة على مصر اكتفاء بالقيود التي تفرض على جيشها.
أما موقف الدولة العثمانية من الثورة العرابية، فقد كان خطة مرسومة ولم يكن - كما قال بعض المؤرخين الأوروبيين والشرقيين - جريا على عادتها في التردد والتناقض بين ساعة وأخرى.
فإنها أرادت عند خلع «إسماعيل» أن تغير نظام الوراثة وحقوق الخديوية المصرية، فلم توافقها الدول الأوروبية. فلما نشبت الثورة لم تقبل الدولة أن ترسل جيشا من عندها لقمعها؛ لأنها كانت تنقم من الخديو «توفيق» موالاته لإنجلترا وفرنسا، وكانت تعلم من الأمراء العلويين في الآستانة أن «أحمد عرابي» يفضلهم على الخديو وأنهم هم يقبلون ولاية مصر بشروطها التي تريدها الدولة، فأحجمت عن إرسال الجيش التركي عند طلبه انتظارا للنتيجة. ورأت أن مصلحتها في ترك الخديو وشأنه أجدى عليها من تأييده ثم الجلاء على الأثر كما اشترطت عليها الدول الأجنبية .
Page inconnue