Les Six Degrés et les Secrets des Réseaux : Une Science pour une Ère Interconnectée
الدرجات الست وأسرار الشبكات: علم لعصر متشابك
Genres
كما هو الحال غالبا في العلوم (بل في حل مشكلات الحياة اليومية أيضا)، أمكن التوصل إلى الفكرة التي أدت إلى الخروج من هذا المأزق عن طريق تناول موضوع قديم من زاوية جديدة، فبدلا من السؤال: «ما مدى صغر العالم الذي نعيش فيه؟» يمكن أن يكون السؤال هو: «ما الذي يلزم أي عالم؛ ليس فقط عالمنا، وإنما أي عالم على الإطلاق، ليصبح صغيرا؟» بعبارة أخرى، بدلا من الخروج إلى العالم ومحاولة قياس حجمه بتفصيل دقيق، نود إنشاء نموذج رياضي لشبكة اجتماعية لتحل محل العالم الحقيقي، بحيث نستفيد من قوة الرياضيات والكمبيوتر في هذا النموذج. يمكن التعبير عن الشبكات التي سنتعامل معها بالفعل ببساطة تكاد تكون كوميدية من خلال نقاط مرسومة على ورقة وتربط بينها خطوط، تعرف هذه الأشكال في الرياضيات بالرسوم البيانية، وكما أوضحنا من قبل، تعود دراسة الرسوم البيانية إلى قرون مضت، وقد عرفنا عنها الكثير. وتلك هي الفكرة المهمة حقا؛ فعلى الرغم من أننا بهذا التبسيط الشديد سنتغافل حتما عن سمات للعالم نهتم بها كثيرا، فبإمكاننا التوصل إلى ثروة من المعرفة والتقنيات التي من شأنها تمكيننا من تناول مجموعة من الأسئلة العامة المتعلقة بالشبكات لم نكن لنتمكن من الإجابة عنها أبدا إذا ظللنا عالقين في جميع التفاصيل الفوضوية المشوشة للذهن.
الفصل الثاني
أصول علم «جديد»
(1) نظرية الرسوم البيانية العشوائية
منذ نحو أربعين عاما اتبع عالم الرياضيات بول إيردوس أسلوبا بسيطا للغاية في دراسة شبكات الاتصالات. كان إيردوس شخصا غير عادي يبدو بجواره غريبو الأطوار أفرادا طبيعيين تماما. ولد في بودابست يوم 26 مارس عام 1913، وعاش مع والدته حتى سن الحادية والعشرين، ثم قضى ما بقي من حياته المتميزة مسافرا. لم يمكث في أي مكان فترة طويلة، ولم يشغل أي وظيفة دائمة، اعتمد إيردوس على حسن ضيافة زملائه المخلصين، الذين كان يسعدهم إكرامه سعادة غامرة في مقابل تمتعهم بصحبة عقله شديد الذكاء دائم البحث، وقد اشتهر بنظرته لنفسه كآلية لتحويل القهوة إلى نظريات، ولا يعني ذلك أنه تعلم قط إعداد القهوة أو أيا من المهام اليومية العديدة الأخرى، مثل الطهي والقيادة، التي ينظر إليها عامة البشر الأقل شأنا كأمور بسيطة تماما، لكن فيما يتعلق بالرياضيات، اتسم إيردوس بقوته الشديدة، فنشر نحو ألف وخمسمائة بحث على مدار حياته (بل نشر بعضها بعد وفاته أيضا)، وهو ما يتجاوز ما نشره أي عالم رياضيات في التاريخ، ربما باستثناء أويلر العظيم.
ابتكر إيردوس أيضا، بالاشتراك مع معاونه ألفريد ريني، النظرية الأساسية للرسوم البيانية العشوائية، و«الرسم البياني العشوائي»، كما يوحي اسمه، هو شبكة من نقاط التلاقي تصل بينها روابط على نحو عشوائي تماما. حسب تشبيه عالم الأحياء ستيوارت كوفمان، تخيل إلقاء ملء صندوق من الأزرار على الأرض، ثم اختيار أزواج منها عشوائيا وربطها معا بخيوط ذات أطوال مناسبة (الشكل
2-1 ). إذا كانت لدينا أرضية كبيرة للغاية، وصندوق أزرار ضخم، ووقت فراغ طويل، فما الشكل الذي ستئول إليه هذه الشبكات؟ وتحديدا، ما السمات التي يمكننا إثبات أن كل هذه الشبكات لا بد أن تتسم بها؟ إن كلمة «إثبات» هي ما يجعل نظرية الرسم البياني العشوائي صعبة، بل شديدة الصعوبة، فليس كافيا تجربة بضعة أمثلة فحسب، وملاحظة ما سيحدث، بل يحتاج المرء إلى التفكير فيما يمكن أن يحدث وما لا يمكن أن يحدث في كل ظرف محتمل الحدوث، وما الشروط التي يجب التمسك بها للتأكد. لحسن الحظ، كان إيردوس أستاذا في الإثبات، وفيما يلي إحدى النتائج العميقة التي توصل إلى إثباتها مع ريني.
شكل 2-1: رسم بياني عشوائي متخيل يصور مجموعة من الأزرار المربوطة معا بخيوط. تتصل أزواج من نقاط التلاقي (الأزرار) معا عشوائيا عن طريق روابط أو صلات.
بالعودة إلى تشبيه الأزرار، تخيل أننا ربطنا عددا من الخيوط بأزرار - أي عدد نشاء - ثم التقطنا زرا عشوائيا، على أن نعد جميع الأزرار الأخرى التي ترتفع معه من على الأرض. تعد كل هذه الأزرار الثانوية جزءا من «المكون المتصل» للزر المختار. وإذا كررنا هذا التمرين بالتقاط واحد من الأزرار المتبقية، فسنجد مكونا متصلا آخر، ويمكننا الاستمرار على هذا النحو حتى لا يتبقى أي زر على الأرض. ما الحجم الذي سيكون عليه أكبر هذه المكونات؟ سيعتمد ذلك على عدد الخيوط التي ربطتها، لكن كيف سيعتمد على ذلك «بالضبط»؟
إذا كان لديك ألف زر، وربطت خيطا واحدا فقط بين زرين، فسيحتوي أكبر مكون على زرين فحسب، وهو ما تقترب قيمته من الصفر نسبة إلى الشبكة الكاملة. على الجانب الآخر، إذا ربطت كل زر بكل زر آخر، فمن الواضح أيضا أن أكبر مكون سيتضمن الأزرار الألف جميعها، أو الشبكة بأكملها. لكن ماذا عن جميع الحالات الممكنة بين هاتين الحالتين؟ يعرض الشكل
Page inconnue