[وجوب الزكاة في مال الضمار]
ومنها: لا تاجب الزكاةُ في مال الضمار؛ كالضلال، والمدفون الضائع، ونحوه. إِذ ليس سببًا للطغيان.
[وجوب الزكاة في الحليّ]
ومنها: أنّ الزكاة تجب في الحليّ؛ لأنّ حاجة التحلّي به لا تمنع كونَه سببًا للطغيان. فتجب الزكاة تحصيلًا لمعنى الارتياض.
قال: "وعلى هذا تخرج مسائلُ الزكاة".
[الكلام على قاعدته في الزكاة]
قلتُ: مأخذ النزاعِ بيننا وبينهم في الزكاة أنها عبادةٌ مُعلَّلةٌ بما ذَكَر من الارتياض، أو أنها مؤونةٌ ماليةٌ وَجَبت للفقراء بقرابة الإسلام؟ وهذا الثاني أرجح. فلا جرم قلنا: تجب الزكاةُ في مال الصبيّ والمجنون؛ لأنهما، وإِن لم يكونا من أهلِ العبادات، فمالُهما محتملٌ للمواساة؛ كنفقة الأقارب. والوجوب على الوليِّ، لا عليهما. وتُؤخَذ من تركة الميّت، لأنها وَجَبَت بوجودِ سببها وشرطها، ونفقة الأقارب، وإِن سَقَطَت بمضةّ المدّةِ. إِلاّ إِن الزكاة ليست مجرَّدةً من معنى العبادة؛ ولهذا وَجبت فيها النيّةُ. أو تقول: غرامته ماليةٌ، كنفقةِ الزوجات، وهي لا تسقُط بمضيّ الزمان.
وأمّا سقوطها عن المديون، فليس لما ذكروه؛ بل لأنّ المواساة تَسبق عليه، ولا يحتملها حالُه؛ ولأنّ نفقةَ الأقارب إِنما تجب فيما فضل عن الضرورات. وإِذا أسقطناها عن مال الضمار؛ فلأنّه أشبَهَ الموجودّ؛ لثبوت المُلكِ. ولا تجب في الحليّ؛ لأنّه مصروفٌ عن وجهِ النَماء. فلا تتعلَّق به المواساةُ؛ ولا يُعلَّل بالطغيان.
والتحقيق في الزكاة أنّ لله سبحانه في إِيجابها حِكمتين. إِحداهما في مصدرها، وهو الغنيّ، ابتلاءً له بالطاعة، وامتحانًا بالسماح بما يحبُّه في طاعته. والثانية: في موردها، وهي إِغناءُ الفقراءِ ونفعُهم. ولهذا قيل: "الفقراءُ عالة الأغنياءِ". وقيل: "فَرَضَ
1 / 129