[غايةُ الأجَلِ والرزقُ]
ومنها أنّ غاية أجَل الحيوانِ، عندنا، هي الوقت الذي تفارِقُه فيه الحياةُ قتلًا، أو حتفَ أنفه. وعندهم، هي الوقت الذي يموت فيه حتفَ أنفه. فالقاتل له قبل ذلك قاطعٌ لأجَله؛ حتى لو لم يقتله، لبقي حيًّا، استصحابًا لحال حياته. وعندنا، ما ندري ما كان يكون منه؛ فلعلّ الله سبحانه يهلكه بسببٍ آخر ويُعدِمه.
والرزق عندنا ما انتفع به الحيوانُ في إِقامة بدنه، سواءٌ تناوَلَه بسببٍ مباحٍ أو حرَّمٍ. وعندهم لا رزق إِلاّ الحلال؛ والحرام ليس مِن رِزق الله. وهما من شنيع قولهم. ومِن حُججهم في الرزق، أنّ الله سبحانه مدَحَ المنفقين من الرزق بقوله: ﴿ومما رزقناهم ينفقون﴾؛ وذمَّ مَن أَنفَق مِن الحرام، بدليل النصِّ والإِجماعِ. فلا يكون الرزقُ حرامًا، ولا الحرامُ رزقًا.
وجوابه أنّ ذمَّ المنفِقِ من الحرام إِنما هو على كسب الحرام، لا على الإِنفاق منه؛ إِذ الإِنفاق، من حيث هو متضمِّنٌ للسماح في ذات الله بما يعزُّ على النفس، ممدوحٌ لا نزاع فيه. ثمّ لنا قولُه تعالى: ﴿وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها﴾؛ فيتناول العقلاءَ بالحقيقة الوضعيّة. وأيضًا، لو لم يكن الحرامُ رزقَا، لكان مَن عاش طولَ عمره على الحرام غير آكلٍ من رزقِ الله. وهو باطلٌ. وأيضًا، قوله تعالى: ﴿ولا تقتلوا أولادكم خشية إملاق نحن نرزقهم وإياكم﴾؛ والخطاب للكفّار الذين كانت معيشتهم من النهاب والغارات؛ وذلك حرامٌ قطعًا.
[إِنكارهم عذابَ القبر]
ومنها المشهور بين علماء أهل السنّة في تصانيفهم ومحاوراتهم، أنّ المعتزلة يُنكرون عذابَ القبر، ومُنكَرًا ونكيرًا المَلكين السائلين للميّت في قبره، وأنهم حملوا المنكرَ على
1 / 113