وكرمه. والإِخباراتُ الواردةُ بقبولها مقدرٌ فيها اشتراطُ المشيئة، أى يَقبل التوبةَ مّمن يشاء؛ كما قال: ﴿ادعوني استجب لكم﴾، ثمّ قيّده بقوله: ﴿بل إياه تدعون فيكشف ما تدعون إليه إن شاء﴾. وقوله: ﴿ومن كان يريد حرث الدنيا نؤته منها﴾، ثمّ قيّده بقوله: ﴿عجلنا له فيها ما نشاء لمن نريد﴾ فكذلك، هذا مقيَّدٌ تقديرًا، وإِن لم يُصرِّح به في موضعٍ آخر.
وعُهدَتُهم من المنقول قولُه تعالى: ﴿إنما التوبة على الله للذين يعملون السوء﴾، الآية؛ ولفظُ "على" للوجوب. وعندهم أنهم يخلّفون التوبةَ أفعالًا يَستوجبون بها القبولَ.
وعندنا، التوبةُ مخلوقةٌ لله، وقبولها تفضُّلٌ من الله. وقوله: ﴿إنما التوبة على الله﴾، مُنَزَّلٌ على وجوب وقوع الوعد بالقبول تصديقًا للخبر بأنّ وعده لا يُخلَف، أو أنّ معناه التوبة الواردة على رسل الله، أي على ألسِنة رسله؛ كقوله: ﴿ربنا وآتنا ما وعدتنا على رسلك﴾.
[إنكارهم الاستثناء في الإيمان]
ومنها إِنكارهم الاستثناءَ في الإِيمان، نحو "أنا مؤمنٌ، إِن شاء الله"، ظنًّا منهم أنّ شلك شكُّ. وغفلوا عن فائدته؛ وهي التبرّك بذِكر الله، إِن أُريدَ: "أنا مؤمنٌ في الحال". أو صرفُه إِلى كمال الإِيمان، إِذ لا يثصق كلُّ أحدٍ بكمال إِيمانه، والإِتيان بما أُخِذَ عليه فيه من الأقوال والأفعال. ولو عَلِمَ كمالَه، فهو يعتصم بالاستثناء من الخذلان لتاليه، فيُبتَلى بما يُنقِص إِيمانَه. أو صرفُه إِلى المالِ؛ إِذ ليس على ثقةٍ من الموت مؤمنًا.
1 / 104