قلتُ: وفي معناه قولُ أبي تّمام:
قومٌ إِذا وَعدوا أو أوعدوا مَلؤوا ... صدقًا ذوائبَ ما قالوا بما فعلوا
والله أعلم.
وأمّا كونه أصلحَ للخلق، فبيّنّا بطلانَه. والقاطع في الباب قولُه تعالى: ﴿فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره﴾. فإِذا فرضنا مَن عَمِلَ شرًّا وخيرًا، فجزاؤه على الخير إِنما هو في الآخرة بالجنّة. فهو إِمّا بدخولها بعد جزائه على الشرّ بالنار؛ وهو المطلوب. أو بدخولها، ثم دخول النار؛ وهو خلاف الإِجماعِ وقولِه تعالى: ﴿وما هم منها بمخرجين﴾، ﴿فادخلوها خالدين﴾. وأمّا العمومات الدالّة على ما ذكروه، نحو ﴿ومن يقتل مؤمنا متعمدا﴾، ﴿وإن الفجار لفى جحيم﴾، ونحوه، فعامَُ مخصوصٌ بأدلّتنا؛ لأنّ صيغ العموم غير قاطعةٍ في الاستغراق؛ فاحتملت التخصيصَ.
[إِنكارهم الشفاعةَ]
ومنها إِنكار الشفاعة للعصاة، لما ذكروه من الإِغراء. وجوابه ما سبق، ونصوصُ الكتاب والسنّة، وإِجماعُ السلف على خلافهم. وتمسَّكوا من الكتاب بعُموماتٍ ضعيفةِ، نحو ﴿ولا تنفعها شفاعة﴾، ﴿فما لنا من شافعين﴾، ﴿ما للظالمين من حميم ولا شفيع يطاع﴾، ونحوها، مّما لو وفي بالدلالة، لكان معارَضًا بأقوى منه؛
1 / 102