160

Dar du discours laid par l'embellissement et la laideur

درء القول القبيح بالتحسين والتقبيح

Chercheur

أيمن محمود شحادة

Maison d'édition

الدار العربية للموسوعات بيروت

Numéro d'édition

الأولى

Genres

والترك؛ ذَكَره ابن الأثير في النهاية. وهو مرادنا بخلق الداعي. واشتاق "الإِلهام" من قولهم "جَيشٌ لَهَّامٌ"، أي يَختطِف كل ما مَرَّ عليه. ويجوز أن يكون "الجيش اللهّام" مشتقًّا من "الإلهام"؛ لأنّ قوّة لفظِه تُفيد إِشرابَ النفسِ ما ألهتمته، وتغلغلَه في حقيقتها كتغلغل الماء فيما شَربه مِن شجرٍ أو حيوانٍ. ومنه، ﴿وأشربوا في قلوبهم العجل﴾. وأمّا قول قتادة، "بَيَّن لها"، فهو مخالفٌ لظاهر لفظ "الإِلهام". ولم أعلم في لغةٍ ولا اصطلاحٍ أنّ الإِلهام بمعنى "البيان"، إِلاّ فيما ذَكَره قتادةُ. وهو، وإِن كان إِمامًا، إلاّ إنّ له أقوالًا مرجوحةً. والعلم ما قام عليه الدليلُ. ثمّ هو غير صحيحٍ على رأي المعتزلة؛ لأنّ الفجور والتقوى بَيِّنان للنفس بالعقل عندهم، على ما مَرَّ. فلا حاجة فيهما إِلى بيانٍ غيره. فحمل الإِلهام على ما يُفيد فائدةً تأسيسيّةً. وحينئذٍ، صارت الآيةُ حجّةً لنا؛ لأنّ معناها إِذَن "خَلَقَ فيها داعي الفجور والتقوى"؛ وهما واجبات عند خلقِ الداعي؛ فصار الله سبحانه خالقَهما بواسطة خلقِ الداعيَّ، كما أنّه خالق كلِّ فرعٍ بواسطة أصلِه. والمعتزلة منازِعون في التولُّد. قوله، "ثمّ قال: ﴿قد أفلح من زكاها وقد خاب من دساها﴾. فلو كان هو الذي دسّاها، ما كان ليُخيب نفسه". قلنا: "لو كان هو الذي دسّاها"، كسبًا، أو خلقًا؟ الأوّل ممنوعٌ؛ والثاني مُسلمٌ. ولا يلزم منه أن يُخيب نفسه؛ لأنّ ذلك من حيث تصرفه الكونى، لا التكليفيّ. وإِنما هذا كقوله، خَيبةً لأهل النار، لمِا صاروا إِليه من العذاب"، مع أنّه هو الذي أَدخلهموها. قوله: "وقال تعالى: ﴿قالوا بنا من قدم لنا هذا فزده عذابا ضعفا في النار﴾. فلو كان الله هو الذي قدَّم لهم الشرَّ، ما قال ذلك" قلتُ: هذا من كلام الكفّار الأتباع اللهُ هو الذي قدَّم لهم الشرَّ، ما قال ذلك" قلتُ: هذا من كلام الكفّار الأتباع لمتبُوعهم؛ حكام اللهُ عنهم. والمراد أنّ سادتنا وكبراءنا قدَّموا لنا سببَ هذا العذاب، لأنهم كانوا سببَ ضلالنا، حيث تابعناهم تقليدًا فيما قدّر عليهم من الضلال؛ كما

1 / 226