الإِذن. على أنّ على تعريف الإِسفرائينيّ مناقشةً. وهو أنّ المباح لا قبيحٌ ولا حَسَنٌ. والنزاع في أنّه حكمٌ شرعيٌ أولا لفظي، كما بانَ في أصول الفقه.
ثمّ قال ابن بَرهان في موضعٍ آخر: "مذهب أصحابنا أن وجوب الواجبات يُعرَف بالشرع. فقبل ووردِ الشرع، لا وجوب أصلًا.
وقال جماعةٌ من المتكلمين والفقهاء: كلّ حَسَنٍ، فوجوبه بالعقل. ثمّ منها ما يجب لنفسه؛ كردّ المغصوب، وإغاثة المطلوب. ومنها ما يجب لغيره؛ كالنظر، يجب لتحصيل العلم. ومنها ما يجب لكونه تركًا لقبيحٍ. قلت: هذا مِن قبيل ما يجب لغيره. فينحصر الواجبُ فيما يجب لنفسه أو لغيره.
وقال الآمدىّ: "الحاكم هو الله. ولا حاكم سواه. ويتفرّع عليه أنّ العقل لا يُحسِّن، ولا يُقبح، ولا يوجَب شكرًا لمنعمٍ، وأنّه لا حُكم قبل ورود الشرع. فهذه ثلاث مسائل.
الأوُلى: ذهبت المعتزلة والكرامية والخوارج والبراهمة والثويّة إِلى أنّ الأفعال منقسمةٌ ذواتها إِلى حَسَنةٍ وقبيحةٍ. وذهب أصحابنا وأكثر العقلاء إِلى نفي ذلك.
قلتُ: فظاهر عبارة ابن بَرهان في حكايته عنهم، كلُ حَسَنٍ، فوجوبه بالعقل"، وقولِ الآمديّ، "الحاكم هو الله، ولا حاكم سواه"، أنّ مذهب القائلين بالتحسين والتقبيح أنّ العقل موجِبٌ وحاكمٌ. وبذلك صرّحَ بعضُ الأصوليّين.
فأمّا الإِمام فخر الدين أبو عبد الله الرازيّ، في المحصل والنهاية والمحصول وغيره من كتبه، وأتباعه، كالأُرمَويَّين، في الحاصل والتحصيل، فإِنهم سلكوا في تلخيص محلّ النزاع وحكاية مذهب الخصم طريقًا معناه أنّ الحُسن والقبح يُطلقان، ويُراد بهما
1 / 81