Daqaiq Tafsir
دقائق التفسير
Chercheur
د. محمد السيد الجليند
Maison d'édition
مؤسسة علوم القرآن
Numéro d'édition
الثانية
Année de publication
١٤٠٤
Lieu d'édition
دمشق
فصل
فِي قَوْله تَعَالَى ﴿يقدم قومه يَوْم الْقِيَامَة فأوردهم النَّار﴾
وَزَعَمت طَائِفَة من هَؤُلَاءِ الاتحادية الَّذين ألحدوا فِي أَسمَاء الله وآياته أَن فِرْعَوْن كَانَ مُؤمنا وَأَنه لَا يدْخل النَّار وَزَعَمُوا أَنه لَيْسَ فِي الْقُرْآن مَا يدل على عَذَابه بل فِيهِ مَا يَنْفِيه كَقَوْلِه ﴿أدخلُوا آل فِرْعَوْن أَشد الْعَذَاب﴾ قَالُوا فَإِنَّمَا أَدخل آله دونه وَقَوله ﴿يقدم قومه يَوْم الْقِيَامَة فأوردهم النَّار﴾ قَالُوا إِنَّمَا أوردهم وَلم يدخلهَا قَالُوا وَلِأَنَّهُ قد آمن أَنه لَا إِلَه إِلَّا الَّذِي آمَنت بِهِ بَنو إِسْرَائِيل وَوضع جِبْرِيل الطين فِي فَمه لَا يرد إِيمَان قلبه
وَهَذَا القَوْل كفر مَعْلُوم فَسَاده باضطرار من دين الْإِسْلَام لم يسْبق ابْن عَرَبِيّ إِلَيْهِ فِيمَا أعلم أحد من أهل الْقبْلَة بل وَلَا من الْيَهُود وَلَا من النَّصَارَى بل جَمِيع أهل الْملَل مطبقون على كفر فِرْعَوْن
فَهَذَا عِنْد الْخَاصَّة والعامة أبين من أَن يسْتَدلّ عَلَيْهِ بِدَلِيل فَإِنَّهُ لم يكفر أحد بِاللَّه وَيَدعِي لنَفسِهِ الربوبية والإلهية مثل فِرْعَوْن
وَلِهَذَا ثنى الله قصَّته فِي الْقُرْآن فِي مَوَاضِع فَإِن الْقَصَص إِنَّمَا هِيَ أَمْثَال مَضْرُوبَة للدلالة على الْإِيمَان وَلَيْسَ فِي الْكفَّار أعظم من كفره وَالْقُرْآن قد دلّ على كفره وعذابه فِي الْآخِرَة فِي مَوَاضِع
أَحدهَا قَوْله تَعَالَى فِي الْقَصَص ﴿فذانك برهانان من رَبك إِلَى فِرْعَوْن وملئه إِنَّهُم كَانُوا قوما فاسقين﴾ إِلَى قَوْله ﴿وأتبعناهم فِي هَذِه الدُّنْيَا لعنة وَيَوْم الْقِيَامَة هم من المقبوحين﴾
فَأخْبر سُبْحَانَهُ أَنه أرْسلهُ إِلَى فِرْعَوْن وَقَومه وَأخْبر أَنهم كَانُوا قوما فاسقين وَأخْبر أَنهم ﴿قَالُوا مَا هَذَا إِلَّا سحر مفترى﴾ وَأخْبر أَن فِرْعَوْن قَالَ ﴿مَا علمت لكم من إِلَه غَيْرِي﴾ وَأَنه أَمر باتخاذ الصرح ليطلع إِلَى إِلَه مُوسَى وَأَنه يَظُنّهُ كَاذِبًا وَأخْبر أَنه استكبر فِرْعَوْن وَجُنُوده وظنوا أَنهم لَا يرجعُونَ إِلَى الله وَأَنه أَخذ فِرْعَوْن وَجُنُوده فنبذهم فِي اليم فَانْظُر كَيفَ كَانَ عَاقِبَة الظَّالِمين وَأَنه جعلهم أَئِمَّة يدعونَ إِلَى النَّار وَيَوْم الْقِيَامَة لَا ينْصرُونَ وَأَنه أتبعهم فِي الدُّنْيَا لعنة وَيَوْم الْقِيَامَة هم من المقبوحين
2 / 254