La conscience : une très brève introduction
الضمير: مقدمة قصيرة جدا
Genres
ويتطلب الأمر مقالا منفصلا لتتبع أوجه الشبه بين أفكار كل من فرويد ونيتشه عن الكبت وبعض المفاهيم الأساسية الأخرى، لكنني أود الإشارة بوجه خاص إلى اعتماد فرويد الضمني - وفي الوقت ذاته شديد العمق - على نظريات نيتشه عن الضمير المعاقب للذات في صياغته لأفكاره الخاصة عن الأنا العليا أو الأنا المثالية وعدائها الفطري العقابي للأنا وبالتالي للذات. ويمكن إيضاح هذا التشابه الشديد في اقتباس صغير من كتابات كل منهما:
ليس الضمير ... كما قد تعتقد، هو «صوت الله داخل الإنسان»، لكنه غريزة الوحشية التي تتجه للداخل ما إن تعجز عن تفريغ شحنتها بالخارج. (نيتشه، «ما الذي يجعلني أكتب تلك
الكتب الممتازة»، «هو ذا الإنسان»)
كلما تحكم الإنسان في عدوانيته، اشتدت الميول العدوانية للأنا المثالية (الأنا العليا) لديه ضد الأنا. (فرويد، «الأنا والهو»)
وفي كل حالة، يؤدي انسداد مخرج المشاعر العدائية (عدم قدرة الوحشية على تفريغ شحنتها أو تقييد العدوانية) إلى ارتدادها للداخل (توجيه الوحشية للذات أو العدوانية ضد الأنا).
وتعمل الأنا المثالية لدى فرويد - ولاحقا في أعماله الأنا العليا - في حيز الضمير، وتؤدي مهام التوبيخ والتقريع التي عادة ما توكل إلى الضمير. وكما يقول في كتابه الذي يحمل عنوان «الأنا والهو»:
لا يمثل تفسير الشعور الطبيعي الواعي بالذنب (الضمير) أية مشكلة، فهو نتيجة للصراع بين الأنا والأنا المثالية، وهو أيضا تعبير عن إدانة صريحة للأنا تعلنها وظيفتها النقدية.
وتعد الوظيفة النقدية مرادفا لعمل الضمير، خاصة فيما يتعلق بعمله تحت غطاء من تحسين الذات المزعوم، حتى وهو يثبت كونه عنيدا غير قابل للترضية في متطلباته.
وتتكون الأنا المثالية - من وجهة نظر فرويد - من المجتمع، حيث تتشكل «من تأثيرات البيئة والمتطلبات التي تفرضها البيئة على الأنا والتي لا تتمكن الأنا دائما من الوفاء بها» («علم النفس الجماعي»). ومن وجهة نظره، تمثل تلك المتطلبات عادة - أو ربما دائما - استبطانا لوجهات نظر الأم أو الأب، لكنها تزداد عن طريق الأصوات الأخرى المقيدة والتنظيمية في المجتمع ككل كما هو موضح في «الأنا والهو »:
بينما يكبر الطفل، يتولى المعلمون وآخرون في موقع السلطة القيام بدور الأب، وتظل قوة أوامرهم ونواهيهم راسخة في الأنا المثالية، وتستمر في ممارسة الرقابة على الأخلاق في صورة الضمير.
Page inconnue