La conscience : une très brève introduction
الضمير: مقدمة قصيرة جدا
Genres
من يمكنه أن يؤكد ما إذا كان هنري مثقل الضمير «بالفعل» أو أن المشكلة كانت تكمن في جزء آخر من جسده (وهو الاحتمال الأكبر)؟ وتكمن النقطة الأساسية في نشوء مناخ فكري جديد، كان هنري يتفهمه ويدركه تماما، وقد أتاح هذا المناخ لمؤيدي أي موقف ملتبس أو غير شائع بأن يظلوا على تأييدهم لهذا الموقف أو التوجه إذا أمكنهم أن يتوصلوا إلى حجة مقنعة للإلحاح المستمر للضمير الشخصي. وحتى إذا كان حديث الضمير الخاص بهنري بأكمله مجرد ذريعة، فقد نجح نجاحا باهرا في استخدام نفوذه بوصفه ملكا ومهاراته الجدالية في اجتذاب الناس إلى المناقشة بشروط منحته حق التذرع بالضمير. وحصل هنري على تنازلات جزئية - على الأقل في بداية الأمر - حتى من أشخاص ثابتين على موقفهم مثل الكاردينال جون فيشر، ففي عام 1528 أو نحو ذلك كتب فيشر (منفعلا لكن في الوقت ذاته مفعما بالأمل) قائلا: «إنني مقتنع بأن الرغبة الملكية لا تتمثل في رفض القوانين الإلهية، وأنه إذا كان الملك قد استجاب لحيرة الضمير بناء على المحرمات اللاوية فسوف ينحيه جانبا حقا.» وقد أشيع عن البابا نفسه أنه يفكر في مخطط قصير الأجل يمكن هنري من الزواج بامرأتين بهدف أن يرتاح ضمير هنري. وهكذا أيضا نجد مور خلال فترة توليه منصب المستشار منذ عام 1529 وحتى عام 1532 يميل نحو التسوية الجزئية، حيث كان موقفه المتلون إلى حد ما خلال فترة توليه منصبه يتمثل في مساعدة الملك في الأمور التي لا يرفضها ضميره الخاص، لكن آخرين هم من قد يتطوعون لملاحقة قضية الطلاق الكبرى وهم يضمون «فقط هؤلاء الذين لاحظ فيهم نيافته وجود الضمير (وهم عدد كاف) وأقنعهم تماما بأداء هذا الدور». وكان مور يأمل في بداية الأمر (وهو الموقف الذي سيتراجع عنه نادما خلال أحداث 1532-1534) أن يجد هنري طريقة «كي لا يسبب لأي إنسان إزعاج الضمير أو اضطرابه أبدا» في تلك المسألة، وأن الضمير الخاص بكل مشارك في هذا الأمر لن يمس. وهكذا نجد حتى كبار المتشككين مثل فيشر ومور مستعدين للميل على الأقل جزئيا نحو الخطاب الناشئ حول قدسية الضمير الفردي.
كان التحول الذي مر به هنري من الضمير العام إلى الضمير الفردي مصحوبا بحملة أيديولوجية طموحة. ففي مرحلة مبكرة جند مجموعة من علماء اللاهوت المشتركين في الجريمة وأعطاهم تعليمات بأن يؤلفوا «سينشورا»، وهو منشور ظهر في عام 1531 عن القرارات المؤيدة لطلاقه، وقد دعمت حججهم نظرية تتعلق بالضمير الخاص، وهي تعيد بعث المفاهيم السابقة الخاصة بقدسية القانون الخاص الذي كتب في صدور الناس وتعمل على نشرها على نطاق واسع.
وفيما يلي استشهاد بترجمة إنجليزية كتبت في الفترة نفسها تقريبا عن الأصل اللاتيني:
إن القانون العام هو ما أكدته كتابات البابوات، أما القانون الخاص فهو ما كتب في صدور الناس عن طريق الوحي من الروح القدس كما قصد المصلحون الأخلاقيون الذين يحملون القوانين الإلهية منقوشة في صدورهم بالضبط.
وبالنسبة لمفهوم القانون الخاص الذي كتب في صدور الناس، يمكننا العودة لتلك الفقرة من رسالة الرومان في الآية 14 من الإصحاح الثاني، وهي فقرة لا تنسى بالطبع، لكنها تكتسب اهتماما ملحوظا من جديد عن طريق مجموعة من المصلحين البروتستانتيين والمناهضين للمؤسسات. فعندما يعلن المرء أنه قد تأثر بالتواصل المباشر الشخصي مع الروح القدس وأنه صاحب قانون نقش في صدره على نحو فريد، فإن الاختبارات الخارجية في القانون العام أو كتابات الكهنة أو أي عنصر آخر من تعاليم الكنيسة الكاثوليكية ينسحب معترفا بالهزيمة:
إذا تتبعنا حركة الروح القدس وحركة ضمائرنا فلن نصبح خاضعين للقانون العام الذي يجب دائما أن يفسح المجال للقانون الخاص، فبالنسبة للأمور التي يحرمها القانون الإلهي علينا أن نطيع ضمائرنا، وفي الأمور الأخرى علينا أن نطيع الكنيسة.
من الواضح أن النظرة الأكثر تقليدية للضمير بوصفه أداة للتأنيب لكن ليس للتمرد كان لديها المزيد لتقدمه للكنيسة الرومانية التي كانت متورطة في صراعات في القرن السادس عشر أكثر مما كان لدى الضمير الخاص الذاتي المنفلت - الذي فضله هنري ومستشاروه. فقد شارك الكاردينال فيشر في الهجوم على الضمير الخاص في دفاعه الذي كتبه عام 1531-1532، أما مور الذي دعم جزئيا من قبل موقف هنري في توقعه بأن الأفراد قد يسمح لهم باختيار برنامجه أو الانسحاب منه، فقد دفعه كل من «قسم السيادة» و«مرسوم الخلافة» إلى اتخاذ موقف تقليدي أكثر حسما. وفي خطاباته الأخيرة التي يرجع تاريخها إلى أعوام 1532-1534، اتخذ موقفا ضد الضمير الفردي الجانح الذي أساء توجيهه شخص غريب الأطوار أو مهرطق بما يعارض شئون العقيدة المتفق عليها. وقد كتب إلى ابنته مارجريت متحدثا عن ذلك الأمر في حالة رجل «اتخذ موقفا معارضا من حقيقة واضحة تتجلى عن طريق العقيدة المسيحية المتفق عليها بالاعتماد على عقله وحده، أو بالإضافة إلى القليل لكن ليس الكثير من الأشياء الأخرى»، حيث توصل إلى أن «هذا الضمير ملعون بشدة». وخلال التقلبات اللاحقة التي مر بها مور، أكد تأكيدا متزايدا على فكرة الاتفاق الخارجي على الاعتقاد الصحيح. فهو يوصي في «حوار المواساة» على سبيل المثال بأن يخضع حكم الضمير للتصحيح الخارجي، حتى وإن كان ذلك في شكل نصيحة من شخص آخر صالح فحسب. وفي الشهور الأخيرة التي قضاها في السجن والتي كان فيها أشد عزلة وبعدا عن نصائح الرجال الصالحين، ضغطت الظروف على مور ضغطا أكبر من المعتاد كي يعتمد على إيعازات ضميره الخاص فقط، لكنه وجد طريقة كي يستحدث درعا واقيا من السلطة الخارجية؛ وهي أن يخلق صوته الداخلي أو الحكيم الخاص به وجمهوره أو مجتمعه الخاص. وهذا المجتمع غير موجود، فهو لا يتكون من أشخاص كان يتمكن من الاشتراك في أحاديثهم، لكن يتكون مما يعتبر هيئة «متحركة» من المجامع الكنسية والقديسين والمصلحين الأخلاقيين الذين سعى إلى الحصول على موافقتهم، أو حتى تصويبهم، إذا اقتضت الضرورة ذلك. وهو يصوغ تلك النقطة ببلاغة في خطبة ما بعد الإدانة كما هو مثبت في مذكرات تشاستلمان:
قاطعه المستشار قائلا: «ماذا هناك يا مور؟ هل ترغب في أن تعتبر أكثر حكمة وذا ضمير أكثر يقظة من كل الأساقفة ونبلاء المملكة؟» وأجاب مور قائلا: «سيدي، في مقابل أسقف واحد في رأيك لدي مائة قديس؛ وفي مقابل برلمان واحد من عندك - والله أعلم بنوعه - لدي كل المجالس العامة لمدة ألف عام؛ وفي مقابل مملكة واحدة لدي فرنسا وكل الممالك المسيحية.»
شكل 1-2: «السير توماس مور متأملا»، بريشة ويليام هيكمان سميث أوبري، عام 1890 تقريبا.
2
Page inconnue