وقبلت بعد التردد الطويل، وبعد شديد توسله إلي وإقناعه إياي بالبراهين.
ثم نزلت إليه من النافذة، وأخذني بين يديه وضمني ضمة شديدة إلى صدره ...
وفيما أنا أنفر منه سقط الخمار عن رأسي إلى النهر، وصحت في طلبه، فقال: كلا، دعيه يعم على المياه؛ لأن الدوق لا يلبث أن يحضر ويراه، فيعلم أنك قد انتحرت غرقا فينقطع عن مطاردتنا.
لم أجب بحرف، ثم نزلت جرتريدة بعدي، وسارت بنا السفينة إلى الضفة الثانية.
ورأينا ثلاثة جياد معدة لركوبنا، فامتطيناها وسار معنا فارس أردف جرتريدة وراءه.
وسرنا، ولما وصلنا إلى منعطف في الطريق بصرت ولم أجد جرتريدة في أثري، فأوقفت جوادي وسألته عنها مستنكرة غيابها، فقال: اطمئني يا سيدتي، إني قد أمرت الفارس أن يسير بها في طريق آخر، كي يضيع أثرك عن الدوق، فهي تسير الآن في السبل المطروقة، ولا بد أن يبلغ الدوق أمرها ويحسبها إياك، ويتعقبها بدلا من أن يتعقبنا.
ووجدت جوابه مفحما، ولكني لم أزل موجسة خوفا، وامتنعت عن المسير فقال: إن لك معي أيضا كتابا آخر من والدك، وسأطلعك عليه عندما نصل إلى مكان فيه نور، ولا تلبثين أن تقفي عليه حتى تتبعيني راضية حيث أقودك.
وقبلت بهذا الشرط وسرت معه حتى وصلنا إلى فندق بعد مسير ثلاث ساعات.
وأول ما سألته إياه أن أطلع على الرسالة، فأعطاني إياها وقرأت ما يأتي:
أيتها الابنة العزيزة
Page inconnue