ففتحت النافذة وجلست أنظر إلى مياه الغدير تنساب كالأفعوان، وتنكسر فوقها أشعة ذاك الكوكب المنير.
فيعبث بها النسيم فتتماوج، وقد اتشحت بلون ذهبي يحرك سواكب القلوب.
ونظرت إلى الأشجار على ضفة ذاك الغدير، وقد طبع خيالها فوق مياهه، وارتسمت هيئة السماء بكواكبها على تلك المياه، بحيث كنت أرى فلكين وروضتين وقمرين.
وذكراني بالموقف الذي أنا فيه.
ورق فؤادي لرقة ما رأيت، وجعلت أبكي بكاء مرا، ولكني ما ذكرت تلك الساعة إلا واستعذبت ذلك البكاء، وشعرت بحلاوة تلك الذكرى على مرارتها.
وطال جلوسي في تلك النافذة وأنا غارقة في لجج من التصورات، إلى أن كانت الساعة التاسعة.
فانتبهت من غفلة التصور إلى صوت حركة في المياه، فالتفت فإذا بسفينة تمخر في تلك المياه، وفيها ثلاثة رجال يجذفون.
فناديت جرتريدة وقلت لها: هذه هي السفينة المعدة لنجاتنا فيما أظن؛ لأني أراها قادمة إلينا. - ربما كان ذاك.
وجلسنا ننتظر وصولها إلى أن دنت من النافذة وألقت مرساها، وتبينت أولئك الرجال.
ورأيت بأشعة القمر وجه دي مونسورو، نحيلا مصفرا ، وهو يكاد يسقط من الاضطراب.
Page inconnue