100

Dalil Wa Burhan

الدليل والبرهان لأبي يعقوب الوارجلاني

Genres

فإن قال قائل : إن الإيمان به مقصودا ليس بواجب علينا ، لقول الله - عز وجل - في عقب هذه الآية . ( ومن يكفر بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر فقد ضل ضلالا بعيدا ) فكرر الوعيد على إخوانه واستثناه منها ، فصح أن الإيمان به فضيلة لا فرض خصوصا .

وأما حكم المختلفين فالله أعلم . وحكم الجاهل فالله أعلم . وحكم الشاك فالله أعلم .

وقال الشيخ : ( وعليهم معرفة الجنة أنها ثواب لأهل طاعته على طاعتهم لربهم ومعرفة النار أنها عقاب لأهل معصيته على معصيتهم لربهم ) ، والمسألتان ففي كل واحدة أربعة أوجه كما قدمنا .

فالجواب : فالله أعلم . ومن وراء الأربعة أوجه . هل الثواب والعقاب واجبان على الله - عز وجل - أم غير واجبين ؟ أو أحدهما دون الآخر ؟ وهل يجب علينا لعبيدنا أجرة خدمتهم أشغالنا ؟

الجواب : ليس علينا من أجرتهم شيء وإنما علينا ما يقيمهم لا خدموا أو لا لم يخدموا .

اعلم أن أحوال المكلفين تختلف ، ولو أبطلنا الثواب والعقاب كانت المعصية إباحة لا تكليفا ، ولكن الثواب من فضل الله على المؤمنين والعقاب بمقتضى الحكمة واجب للكافرين .

وقد ينوب أحدهما مناب الآخر ، فيقول الله - عز وجل - : اعملوا ، فمن عمل فله أجره ومن لم يعمل خاب ، فيكون الحرمان في مقام العقوبة ، وربما يقول الله تعالى : اعملوا ، فمن لم يعمل عوقب ، ومن عمل سلم من العقوبة ، فتنوب السلامة مناب الثواب .

وقول الشيخ - رضي الله عنه - : ( وعليهم معرفة الموت والبعث والحساب والعقاب ) ففي كل واحدة من هذه أربع مسائل صارت ست عشرة مسألة ، ولم نجد في القرآن ما يدل ظاهره على الوجوب.

Page 26