بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ
١ - وَقَالَ فِي حَدِيثِ النَّبِيِّ ﷺ «أَنَّهُ أُتِيَ بِعُلَالَةِ شَاةٍ، فَأَكَلَ مِنْهَا ثُمَّ صَلَّى، وَلَمْ يَتَوَضَّأْ» .
يَرْوِيهِ سُفْيَانُ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَقِيلٍ، عَنْ جَابِرٍ
1 / 1
قَوْلُهُ: بِعُلَالَةِ شَاةٍ، يُرِيدُ بِشَيْءٍ يَسِيرٍ كَانَ قَدْ فَضَلَ مِنْهَا
1 / 2
وَقَالَ الرَّاجِزُ:
أَحْمِلُ أُمِّي وَهِيَ الْحَمَّالَهْ
تُرْضِعُنِي الدِّرَّةَ وَالْعُلَالَهْ
وَلَا يُجَازَى وَالِدٌ فَعَالَهْ
قَالَ أَبُو زَيْدٍ: الْعُلَالَةُ: اللَّبَنُ بَعْدَ حَلْبِ الدِّرَّةِ تُنْزِلُهُ النَّاقَةُ، وَالْأُمُّ تُعَلِّلُ صَبِيَّهَا بِشَيْءٍ مِنَ الْمَرَقِ وَاللَّبَنِ، وَأَنْشَدَ:
وَقَالَ الَّذِي يَرْجُو الْعُلَالَةَ وَرِّعُوا ... عَنِ الْمَاءِ لَا يُطْرَقْ وَهُنَّ طَوَارِقُهْ
فَمَا زِلْنَ حَتَّى عَادَ طَرْقًا وَشِبْنَهُ ... بِأَصْفَرَ تَذْرِيهِ سِجَالًا أَيَانِقُهْ
1 / 3
وَأَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ يَحْيَى، عَنِ ابْنِ الْأَعْرَابِيِّ، قَالَ: التَّعِلَّةُ وَالتَّعَلُّلُ وَاللَّهْوُ وَاحِدٌ، وَأَنْشَدَ: غَنِينَا فَأَفْنَيْنَا النَّهَارَ تَعِلَّةً بِإرْقَاصِ مِرْقَالٍ تَخُبُّ وَتُعْنِقُ لَهَا مِنْ رَدِيفٍ كَانَ لَدْنًا رِدَافُهُ وَذُو رُقَعٍ مِنْ خَمْرِ عَانَهُ مُتْأَقُ «لَهَا»: أَيْ مِنَ اللَّهْوِ وَ«ذُو رُقْعٍ»: يُرِيدُ زِقًّا، وَأَلْهَاهُ ذُو رُقْعٍ أَيْضًا.
1 / 4
وَقَالَ الْأَسْوَدُ بْنُ يَعْفُرَ:
أَلَا هَلْ لِهَذَا الدَّهْرِ مِنْ مُتَعَلَّلٍ ... عَلَى النَّاسِ مَهْمَا شَاءَ بِالنَّاسِ يَفْعَلِ
وَهذَا رِدَائِي عِنْدَهُ يَسْتَعِيرُهُ ... لِيَسْلُبَنِي نَفْسِي أَمَالُ بْنُ حَنْظَلِ
٢ - وَأَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ الْأَسَدِيُّ، قَالَ: قَالَ الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ، قَالَ: نَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ الْحِزَامِيُّ، قَالَ: نَا ابْنُ أَبِي فَضَالَةَ وَأَسْنَدَهُ إِلَى حُمَيْدِ بْنِ ثَوْرٍ الْهِلَالِيِّ، وَكَانَتْ لَهُ صُحْبَةٌ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، قَالَ: حِينَ نَهَى عُمَرُ عَنِ التَّشْبِيبِ بِالنِّسَاءِ:
أَبَى اللَّهُ إِلَّا أَنَّ سَرْحَةَ مَالِكٍ ... عَلَى كُلِّ أَفْنَانِ الْعِضَاهِ تَرُوقُ
فَمَا ذَهَبَتْ عَرْضًا وَلَا فَوْقَ طُولِهَا ... مِنَ النَّحْلِ إِلَّا عَشَّةٌ وَسَحُوقُ
وَهَلْ أَنَا إِنْ عَلَّلْتُ نَفْسِي بِسَرْحَةٍ ... مِنَ السَّرْحِ مَوْجُودٌ عَلَيَّ طَرِيقُ
1 / 5
وَيَقُولُ الرَّجُلُ لِصَاحِبِهِ: لَا تُعَلِّلْ عَلَيَّ، أَيْ لَا تَطْلُبْنِي بِالْيَسِيرِ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مِنْ تَتَبُّعِ الْعِلَلِ، كَقَولِ الْآخَرِ:
1 / 6
إِذَا أَرَادَ امْرُؤٌ حَرْبًا جَنَى عِلَلًا ... وَظَلَّ يَضْرِبُ أَخْمَاسًا لِأَسْدَاسِ
فَحَدَّثَنِي أَبُو الْحَسَينِ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ يَحْيَى، عَنِ ابْنِ الْأَعْرَابِيِّ، قَالَ: ضَرْبُ أَخْمَاسٍ لِأَسْدَاسٍ، أَيْ يُظْهِرُ خِلَافَ مَا يُضْمِرُ.
وَأَنْشَدَ لِرَجُلٍ مِنْ طَيِّئٍ:
اللَّهُ يَعْلَمُ لَوْلَا أَنَّنِي فَرِقٌ ... مِنَ الْأَمِيرِ لَعَاتَبْتُ ابْنَ نِبْرَاسِ
فِي مَوْعِدٍ قَالَهُ لِي ثُمَّ أَخْلَفَهُ ... غَدًا ضَرْبُ أَخْمَاسٍ لِأَسْدَاسِ
حَتَّى إِذَا نَحْنُ أَلْجَأْنَا مَوَاعِدَهُ ... إِلَى الطَّبِيعَةِ فِي نَقْدٍ وَإِبْسَاسِ
أَجْلَتْ مَخِيلَتُهُ عَنْ لَا فَقُلْتُ لَهُ ... لَوْ مَا بَدَأْتَ بِلَا مَا كَانَ مِنْ بَاسِ
وَلَيْسَ يَرْجِعُ بَعْدَمَا سَلَفَتْ ... مِنْهُ نَعَمْ طَائِعًا حُرٌ مِنَ النَّاسِ
وَأَخْبَرَنَا ابْنُ الْهَيْثَمِ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ يَعْقُوبَ فِي قَوْلِ الْكُمَيْتِ:
1 / 7
وَذَلِكَ ضَرْبُ أَخْمَاسٍ أُرِيدَتْ ... لِأَسْدَاسٍ عَسَى أَلَّا تَكُونَا
وَقَالَ أَبُو عَمْرٍو: وَهُوَ أَنْ يُظْهِرَ خَمْسَةً، وَيُرِيدُ سِتَّةً، وَقَالَ ابْنُ سَهْلٍ وَهُوَ رَاوِيَةُ الْكُمَيْتِ: إِذَا أَرَادَ الرَّجُلُ سَفَرًا بَعِيدًا عَوَّدَ إِبِلَهُ أَنْ تَشْرَبَ خُمُسًا ثُمَّ سُدُسًا حَتَّى إِذَا دَفَعَتْ فِي السَّيْرِ صَبَرَتْ.
1 / 8
وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: ضَرْبُ أَخْمَاسٍ لِأَسْدَاسٍ، يُقَالُ لِلَّذِي يُقَدِّمُ الْأَمْرَ يُرِيدُ بِهِ غَيْرَهُ، فَيَأْتِيهِ مِنْ أَوَّلِهِ فَيَعْمَلُهُ رُوَيْدًا رُوَيْدًا، وَالْخُمْسُ الْوِرْدُ يَوْمَ الْخَامِسِ، وَالسُّدُسُ يَوْمَ السَّادِسِ.
وَقَالَ فِي حَدِيثِ النَّبِيِّ ﷺ: أَنَّهُ نَهَى أَنْ يُنْبَذَ فِي الْمَزَادَةِ الْمَجْبُوبَةِ يُرْوَى عَنِ ابْنِ عَوْنٍ، عَنْ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ.
1 / 9
الْمَجْبُوبَةُ: هِيَ الَّتِي قُطِعَ رَأْسُهَا، فَكَانَتْ كَهَيْئَةِ الدِّنِّ: لِأَنَّهُ لَا يَقْدِرُ أَنْ يُوكِيَهَا، فَيَعْلَمُ بِذَلِكَ إِذَا عَلَا مَا فِيهَا، وَبَلَغَ مَا يَكْرَهُ، وَأَصْلُ الْجُبِّ الْقَطْعُ.
قَالَ الشَّاعِرُ:
وَمَا ذَاكَ إِلَّا فِي فَتَاةٍ أَصَبْتُهَا ... أَلَا لَيْتَ أَنَّ الشَّيْخَ جُبَّتْ ذَبَاذِبُهْ
الذَّبَاذِبُ: وَاحِدُهَا ذَبْذَابُ، وَمِنْهُ الْحَدِيثُ الَّذِي يُرْوَى عَنْهُ ﷺ: «مَنْ وُقِيَ شَرُّ قَبْقَبِهِ وذَبْذَبِهِ فَقَدْ وُقِيَ»
1 / 10
٤ - وَقَالَ فِي حَدِيثِ النَّبِيِّ ﷺ: بَيْنَا هُوَ فِي مَسِيرٍ لَهُ إِذْ أَقْبَلَ رَجُلٌ عَلَى جَمَلٍ لَهُ مِصَكٌّ، وَالْمِصَاكُ يَوْمَئِذٍ قَلِيلٌ، فَلَا يَشَاءُ أَنْ يَضَعَ بَعِيرَهُ فِي مَكَانٍ مِنَ الْقَوْمِ إِلَّا وَضَعَهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «أَلَا هَلْ عَسَى رَجُلًا أَنْ يَكُونَ عِنْدَهُ فَضْلٌ، وَهُوَ يَرَى فِي أَخِيهِ مَوْضِعًا، فَمَا زَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يُكَرِّرُهَا عَلَيْنَا، حَتَّى ظَنَنَّا أَنَّهُ لَيْسَ مِنَّا وَاحِدٌ أَحَقُ بِمَالِهِ مِنْ أَخِيهِ الْمُسْلِمِ» .
أَخْبَرَنَاهُ إِبْرَاهِيمُ، قَالَ: نَا مُحَمَّدُ بْنُ إِدْرِيسَ: قَالَ: نَا الْحُمَيْدِيُّ، قَالَ: نَا سُفْيَانُ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو مُوسَى، قَالَ: وَذَكَرَهُ
1 / 11
الْمِصَكُّ: الْجَيِّدُ الْجَسَدِ الشَّدِيدُ الْقَوِيُّ.
وَأَنْشَدَ أَبُو زَيْدٍ:
تَرَى الْمِصَكَّ يَطْلُبُ الْحَوَاشِيَا ... جِلَّتَهَا وَالْأُخَرَ الْعَوَاشِيَا
يُقَالُ: الْعَاشِيَةُ الَّتِي تُعَشِّي، وَهِيَ الَّتِي تَرْعَى، وَالْإِبِلُ هَادِئَةٌ، فَإِذَا رَأَتْهَا الْإِبِلُ قَدْ تَوَجَّهَتْ نَحْوَ الرَّعِيِّ تَسَرَّبْنَ خَلْفَهَا، وَاقْتَدَيْنَ بِهَا، فَتِلْكَ سَمِعْتُ الْحَسَنَ لَا تَكُونُ إِلَّا بِاللَّيْلِ، وَالْجِلَّةُ، وَاحِدُهَا جَلِيلٌ، وَهُوَ الْمُسِنُّ.
٥ - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: نَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، قَالَ: نَا هُشَيْمٌ، قَالَ: نَا يُونُسُ بْنُ عُبَيْدٍ، قَالَ: نَا زِيَادُ بْنُ جُبَيْرِ بْنِ حَيَّةَ الثَّقَفِيُّ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ رَأَى إِبِلًا جِلَّةً مِنَ الْصَدَقَةِ، فَقَالَ: «مَنْ أَخَذَهَا؟» فَقِيلَ: سَعْدٌ، فَقَالَ: «ادْعُ سَعْدًا، لَا يُحَيِّي اللَّهُ سَعْدًا»، فَجِيءَ بِسَعْدٍ، فَقَالَ: لَا تَعْجَلْ عَلَيَّ يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي فَارَقْتُكَ حِينَ فَارَقْتُكَ، فَأَخَذْتُ
1 / 13
الصَّدَقَاتِ عَلَى وَجْهِهَا، لَمْ أُخَالِفْ سِنًّا عَنْ سِنٍّ، وَكُنْتُ قَدْ عَرَفْتُ حَاجَتَكَ إِلَى الظَّهْرِ، فَكُنْتُ أَشْتَرِي الْبَعِيرَ بِالْبَعِيرَيْنِ وَالثَّلَاثَةِ، قَالَ: «كَذَلِكَ؟» قَالَ: نَعَمْ فَسَكَتَ
1 / 14
٦ - وَقَالَ فِي حَدِيثِ النَّبِيِّ ﷺ: الَّذِي حَدَّثَنَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَلَيٍّ، قَالَ: نَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: نَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: كَانَتِ امْرَأَةٌ مَخْزُومِيَّةٌ تَسْتَعِيرُ الْمَتَاعَ وَتَجْحَدَهُ، فَأَمَرَ النَّبِيُّ ﷺ بِقَطْعِ يَدِهَا، فَأَتَى أَهْلُهَا أُسَامَةَ فَكَلَّمُوهُ، فَكَلَّمَ أُسَامَةُ النَّبِيَّ ﷺ، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ ﷺ: «يَا أُسَامَةُ أَلَا أَرَاكَ تُكَلِّمُنِي فِي حَدٍّ مِنْ حُدُودِ اللَّهِ»، ثُمَّ قَامَ النَّبِيُّ ﷺ خَطِيبًا، فَقَالَ: «إِنَّمَا هَلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ، بِأَنَّهُ
1 / 15
إِذَا سَرَقَ فِيهُمُ الشَّرِيفُ تَرَكُوهُ، وَإِذَا سَرَقَ فِيهُمُ الضَّعِيفُ قَطَعُوهُ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَوْ كَانَتْ فَاطِمَةُ بِنْتُ مُحَمَّدٍ لَقَطَعْتُ يَدَهَا»، قَالَ: فَقَطَعَ يَدَ الْمَخْزُومِيَّة
1 / 16
كَانَ بَعْضُ النَّاسِ يَحْمِلُ عَلَى مَعْمَرٍ فِي هَذَا الْحَدِيثِ، إِذِ الْمُسْتَعِيرُ لِلْمَتَاعِ الْمُغِلُّ لَا قَطْعَ عَلَيْهِ فِي صَرِيحِ الْحُكْمِ، وَيَظُنُّونَ أَنَّهُ وَهْمٌ دَخَلَ عَلَى مَعْمَرٍ
1 / 17
وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ النَّسَائِيُّ، قَالَ: مَعْمَرٌ، يَقُولُ فِي حَدِيثِهِ: أَنَّ امْرَأَةً كَانَتْ تَسْتَعِيرُ الْمَتَاعَ، وَخَالَفَهُ غَيْرُهُ، فَقَالُوا: سَرَقَتْ، فَذَهَبَتْ جَمَاعَةٌ إِلَى تَوْهِينِ رِوَايَةِ مَعْمَرٍ، وَتَصْحِيحِ رِوَايَةِ غَيْرِهِ.
وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ بِتَصْحِيحِ رِوَايَةِ مَعْمَرٍ، وَاعْتَلَّ لَهَا، فَقَالَ: إِنَّمَا أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ بِقَطْعِ يَدِهَا، وَلَمْ يَذْكُرْ فِي الْحَدِيثِ يَعْنِي حَدِيثًا رَوَاهُ ابْنُ قُتَيْبَةَ قُتَيْبَةَ أَنَّهُ قَطَعَهَا، وَهَذَا عَلَى الْوَعِيدِ لَا عَلَى الْإِيقَاعِ.
وَهَذَا وَهْمٌ، لِأَنَّ فِي حَدِيثِ مَعْمَرٍ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ، عَنِ الثِّقَاتِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ أَنَّهُ قَطَعَ يَدَهَا، وَكَذَلِكَ فِي رِوَايَاتٍ كَثِيرَةٍ مَعَهُ، وَمُرَاجَعَةُ أُسَامَةَ إِيَّاهُ فِي ذَلِكَ، وَقَوْلُ النَّبيِّ ﷺ يَنْفِي التَّأْوِيلَ الَّذِي ذَكَرَهُ، وَاعْتَلَّ بِهِ لِلْحَدِيثِ، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ فِي ذَلِكَ لِلْحَدِيثِ، لَكَانَ مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ بَعِيدًا، لِأَنَّ الْوَعِيدَ دُونَ الْإِيقَاعِ، وَإِنْ كَانَ فِي الْأَخْلَاقِ حَسَنًا، فَإِنَّهُ لَيْسَ يَجُوزُ فِي الْأَحْكَامِ، وَمَوَاقِعِ الْحُدُودِ، وَمَوْضِعِ الْقُدْوَةِ، وَقَدْ كَرِهَ ذَلِكَ الْعُلَمَاءُ، وَعَابَتْهُ الْأَئِمَّةُ
1 / 18
٧ - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ، قَالَ: نا عَلِيُّ بْنُ حَجَرٍ، قَالَ: وَهُوَ ابْنُ عُمَرَ، نا الْحَسَنُ، عَنْ مَيْمُونٍ وَهُوَ ابْنُ مِهْرَانَ، قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَهُوَ مُتَغَيِّظٌ عَلَى عَبْدِ الْحَمِيدِ، قَالَ: بَلَغَنِي أَنَّهُ قَالَ: لَا أَظْفَرُ بِشَاهِدِ زُورٍ إِلَّا قَطَعْتُ لِسَانَهُ، قَالَ مَيْمُونٌ: فَقُلْتُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إِنَّهُ لَيْسَ بِفَاعِلٍ، إِنَّمَا أَرَادَ أَنْ يُؤَدِّبَ أَهْلَ مِصْرَ.
فَقَالَ: انْظُرُوا إِلَى هَذَا الشَّيْخِ إِنَّ خِصْلَتَيْنِ أَهْوَنُهُمَا الْكَذِبُ لَخِصْلَتَا سُوءٍ.
1 / 19
وَلِإِنْجَازِ الْوَعْدِ، وَإِكْذَابِ الْوَعِيدِ، وَمَا مَدَحَتْ بِهِ الْعَرَبُ مِنْ ذَلِكَ مَوْضِعٌ غَيْرُ هَذَا
وَسَنَذْكُرُهُ فِي بَابِهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ.
وَالَّذِي نَذْهَبُ إِلَيْهِ أَنَّ حَدِيثَ مَعْمَرٍ صَحِيحٌ، لِأَنَّهُ حَفِظَ مَا لَمْ يَحْفَظْ أَصْحَابُهُ الَّذِينَ شَرَكُوهُ فِي رِوَايَتِهِ عَنِ الزُّهْرِيِّ، وَإِنْ كَانَ لَمْ يَأْتِ بِكُلِّ مَعْنَى الْحَدِيثِ مُتَقَصِّيًا،
1 / 20
وَلِمَا وَافَقَهُ مِنْ حَدِيثِ صَفِيَّةَ بِنْتِ أَبِي عُبَيْدٍ، وَفِيهِ زِيَادَةٌ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ، إِنَّمَا قَطَعَ يَدَهَا لِعِلَّةٍ غَيْرِ السِّرْقَةِ، وَلِمَا لِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ مَا لَيْسَ لِغَيْرِهِ فِي مَنْ عَتَا عَلَيْهِ، وَرَغِبَ عَنْ أَمْرِهِ.
٨ - وَحَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ هَارُونَ، قَالَ: نا ابْنُ أَخِي جُوَيْرِيَةَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ صَفِيَّةَ بِنْتِ أَبِي عُبَيْدٍ أَنَّهَا أَخْبَرَتْهُ أَنَّ امْرَأَةً كَانَتْ تَسْتَعِيرُ الْمَتَاعَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ وَتَجْحَدُهُ وَتَمْسِكُهُ، فَخَطَبَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يَوْمًا النَّاسَ عَلَى الْمِنْبَرِ، وَالْمَرْأَةُ فِي الْمَسْجِدِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «هَلْ مِنَ امْرَأَةٍ تَائِبَةٍ إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ»، فَلَمْ تَقُمْ تِلْكَ الْمَرْأَةُ، وَلَمْ تَتَكَلَّمْ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «قُمْ يَا فُلَانُ، فَاقْطَعْ يَدَ فُلَانَةٍ، لِتِلْكَ الْمَرْأَةِ»، فَقَطَعَهَا
1 / 21