فصل في الجواب عن الحديث (ياعباد الله احبسوا) وبيان ضعفه
"فصل" (١)
وأما الجواب عن الحديث المروي فيمن انفلتت دابته في السفر (٢) أن يقول: "يا عباد الله احبسوا" (٣) فأجيب بأنه غير صحيح؛ لأنه من رواية معروف بن حسان وهو منكر الحديث قاله بن عدي.
ومن المعلوم - إن كان صحيحا- أن النبي ﷺ لا يأمر من انفلتت دابته أن يطلب ردها وينادي من لا يسمعه وله قدرة على ذلك، كما ينادي الإنسان أصحابه الذين معه في سفره ليردوا دابته. وهذا (٤) يدل -إن صح- على أن لله جنودا يسمعون ويقدرون ﴿وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ﴾ [المدثر:٣١] وروى زيادة لفظة في الحديث: "فإن (٥) لله حاضرا" (٦)، فهذا صريح في أنه إنما ينادي حاضرا يسمع، فكيف يستدل بذلك على جواز الاستغاثة بأهل القبور والغائبين.
_________
(١) لم يرد ذكر الـ "فصل" في الأصلين وإنما وضعته تسهيلا للقارئ.
(٢) في المطبوعة (أنه) .
(٣) ضعيف تقدم الكلام عليه.
(٤) في المخطوطة (فهذا) .
(٥) في المطبوعة (فإن الله..) وهو خطأ- وفي المخطوطة (فإنه معه..) - وما أثبته من لفظ الحديث-.
(٦) تقدم الكلام على هذه الزيادة - وأصرح منها ما رواه البزار عن ابن عباس مرفوعا: " إن لله تعالى ملائكة في الأرض سوى الحفظة يكتبون ما يسقط من ورق الشجر فإذا أصابت أحدكم عرجة بأرض فلاة فليناد يا عباد الله أعينوني". قال الحافظ ابن حجر- كما في شرح الأذكار لابن علان٥/١٥١ - هذا حديث حسن الإسناد غريب جدا. قال البزار لا نعلمه يروى عن النبي ﷺ بهذا اللفظ إلا من هذا الوجه بهذا الإسناد اهـ.
ورجح العلامة محمد ناصر الدين وقفه وهو كما قال. قلت: وله حكم الرفع لأنه إخبار عن علم غيبي لا مجال للرأي فيه والله أعلم بالصواب.
1 / 44