Daf’ Ihām al-Idtirāb ‘an Āyāt al-Kitāb
دفع إيهام الاضطراب عن آيات الكتاب - ط مكتبة ابن تيمية
Maison d'édition
مكتبة ابن تيمية - القاهرة
Numéro d'édition
الأولى
Année de publication
١٤١٧ هـ - ١٩٩٦ م
Lieu d'édition
توزيع
Genres
الْإِنْشَاءُ، أَيْ: لَا تَرْتَابُوا فِيهِ، وَعَلَيْهِ فَلَا إِشْكَالَ.
قَوْلُهُ تَعَالَى: هُدًى لِلْمُتَّقِينَ.
خَصَّصَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ هُدَى هَذَا الْكِتَابِ بِالْمُتَّقِينَ، وَقَدْ جَاءَ فِي آيَةٍ أُخْرَى مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ هُدَاهُ عَامٌّ لِجَمِيعِ النَّاسِ، وَهِيَ قَوْلُهُ تَعَالَى: شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ الْآيَةَ [٢ \ ١٨٥] . وَوَجْهُ الْجَمْعِ بَيْنَهُمَا أَنَّ الْهُدَى يُسْتَعْمَلُ فِي الْقُرْءَانِ اسْتِعْمَالَيْنِ: أَحَدُهُمَا عَامٌّ، وَالثَّانِي خَاصٌّ، أَمَّا الْهُدَى الْعَامُّ فَمَعْنَاهُ إِبَانَةُ طَرِيقِ الْحَقِّ وَإِيضَاحُ الْمَحَجَّةِ، سَوَاءٌ سَلَكَهَا الْمُبَيَّنَ لَهُ أَمْ لَا، وَمِنْهُ بِهَذَا الْمَعْنَى قَوْلُهُ تَعَالَى: وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ [٤١ \ ١٧]، أَيْ بَيَّنَّا لَهُمْ طَرِيقَ الْحَقِّ عَلَى لِسَانِ نَبِيِّنَا صَالِحٍ عَلَيْهِ وَعَلَى نَبِيِّنَا الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، مَعَ أَنَّهُمْ لَمْ يَسْلُكُوهَا بِدَلِيلِ قَوْلِهِ ﷿: فَاسْتَحَبُّوا الْعَمَى عَلَى الْهُدَى [٤١ \ ١٧] .
وَمِنْهُ أَيْضًا قَوْلُهُ تَعَالَى: إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ [٧٦ \ ٣]، أَيْ بَيَّنَّا لَهُ طَرِيقَ الْخَيْرِ وَالشَّرِّ، بِدَلِيلِ قَوْلِهِ: إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا [٧٦ \ ٣] .
وَأَمَّا الْهُدَى الْخَاصُّ فَهُوَ تَفَضُّلُ اللَّهِ بِالتَّوْفِيقِ عَلَى الْعَبْدِ، وَمِنْهُ بِهَذَا الْمَعْنَى قَوْلُهُ تَعَالَى: أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ الْآيَةَ [٦] .
وَقَوْلُهُ: فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ [٦ \ ١٢٥] .
فَإِذَا عَلِمْتَ ذَلِكَ، فَاعْلَمْ أَنَّ الْهُدَى الْخَاصَّ بِالْمُتَّقِينَ هُوَ الْهُدَى الْخَاصُّ، وَهُوَ التَّفَضُّلُ بِالتَّوْفِيقِ عَلَيْهِمْ، وَالْهُدَى الْعَامُّ لِلنَّاسِ هُوَ الْهُدَى الْعَامُّ، وَهُوَ إِبَانَةُ الطَّرِيقِ وَإِيضَاحُ الْمَحَجَّةِ، وَبِهَذَا يَرْتَفِعُ الْإِشْكَالُ أَيْضًا بَيْنَ قَوْلِهِ تَعَالَى: إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ [٢٨ \ ٥٦]، مَعَ قَوْلِهِ: وَإِنَّكَ لَتَدْعُوهُمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ [٤٢ \ ٥٢]، لِأَنَّ الْهُدَى الْمَنْفِيَّ عَنْهُ ﷺ هُوَ الْهُدَى الْخَاصُّ، لِأَنَّ التَّوْفِيقَ بِيَدِ اللَّهِ وَحْدَهُ: وَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ فِتْنَتَهُ فَلَنْ تَمْلِكَ لَهُ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا [٥ \ ٤١] .
وَالْهُدَى الْمُثْبَتُ لَهُ هُوَ الْهُدَى الْعَامُّ الَّذِي هُوَ إِبَانَةُ الطَّرِيقِ، وَقَدْ بَيَّنَهَا ﷺ حَتَّى تَرَكَهَا مَحَجَّةً بَيْضَاءَ لَيْلُهَا كَنَهَارِهَا:
1 / 7