25

Daf’ Ihām al-Idtirāb ‘an Āyāt al-Kitāb

دفع إيهام الاضطراب عن آيات الكتاب - ط مكتبة ابن تيمية

Maison d'édition

مكتبة ابن تيمية - القاهرة

Numéro d'édition

الأولى

Année de publication

١٤١٧ هـ - ١٩٩٦ م

Lieu d'édition

توزيع

Genres

وَهِيَ قَوْلُهُ تَعَالَى فِي سُورَةِ «الْأَنْعَامِ»: إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا الْآيَةَ [٦ \ ١٤٥] . وَالْجَوَابُ أَنَّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ مِنْ مَسَائِلِ تَعَارُضِ الْمُطْلَقِ وَالْمُقَيَّدِ، وَالْجَارِي عَلَى أُصُولِ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ حَمْلُ الْمُطْلَقِ عَلَى الْمُقَيَّدِ لَا سِيَّمَا مَعَ اتِّحَادِ الْحُكْمِ وَالسَّبَبِ، كَمَا هُنَا، وَسَوَاءٌ عِنْدَهُمْ تَأَخَّرَ الْمُطْلَقُ عَنِ الْمُقَيَّدِ كَمَا هُنَا أَوْ تَقَدَّمَ، وَإِنَّمَا قُلْنَا هُنَا إِنَّ الْمُطْلَقَ مُتَأَخِّرٌ عَنِ الْمُقَيَّدِ، لِأَنَّ الْقَيْدَ فِي سُورَةِ «الْأَنْعَامِ»، وَهِيَ نَزَلَتْ قَبْلَ «النَّحْلِ» مَعَ أَنَّهُمَا مَكِّيَّتَانِ إِلَّا آيَاتٍ مَعْرُوفَةً، وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّ «الْأَنْعَامَ» قَبْلَ «النَّحْلِ»، قَوْلُهُ تَعَالَى فِي «النَّحْلِ»: وَعَلَى الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا مَا قَصَصْنَا عَلَيْكَ الْآيَةَ [١٦ \ ١١٨]، وَالْمُرَادُ بِهِ مَا قَصَّ عَلَيْهِ فِي «الْأَنْعَامِ» بِقَوْلِهِ: وَعَلَى الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا كُلَّ ذِي ظُفُرٍ الْآيَةَ [٦ ١٤٦] . وَأَمَّا كَوْنُ «الْأَنْعَامِ» نَزَلَتْ قَبْلَ «الْبَقَرَةِ» وَ«الْمَائِدَةِ» فَوَاضِحٌ، لِأَنَّ «الْأَنْعَامَ» مَكِّيَّةٌ بِالْإِجْمَاعِ إِلَّا آيَاتٍ مِنْهَا، وَ«الْبَقَرَةُ» مَدَنِيَّةٌ بِالْإِجْمَاعِ وَ«الْمَائِدَةُ» مِنْ آخِرِ مَا نَزَلَ مِنَ الْقُرْآنِ وَلَمْ يُنْسَخْ مِنْهَا شَيْءٌ لِتَأَخُّرِهَا. وَعَلَى هَذَا فَالدَّمُ إِذَا كَانَ غَيْرَ مَسْفُوحٍ كَالْحُمْرَةِ الَّتِي تَظْهَرُ فِي الْقِدْرِ مِنْ أَثَرِ تَقْطِيعِ اللَّحْمِ فَهُوَ لَيْسَ بِحَرَامٍ لِحَمْلِ الْمُطْلَقِ عَلَى الْمُقَيَّدِ، وَعَلَى هَذَا كَثِيرٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ، وَمَا ذَكَرْنَا مِنْ عَدَمِ النَّسْخِ فِي «الْمَائِدَةِ»، قَالَ بِهِ جَمَاعَةٌ وَهُوَ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ قَوْلَهُ تَعَالَى: فَإِنْ جَاءُوكَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ الْآيَةَ [٥ ٤٢] . وَقَوْلُهُ: أَوْ آخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُمْ [٥ ١٠٦] غَيْرُ مَنْسُوخَيْنِ صَحِيحٌ، وَعَلَى الْقَوْلِ بِنَسْخِهِمَا لَا يَصِحُّ عَلَى الْإِطْلَاقِ، وَالْعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى. قَوْلُهُ تَعَالَى: أُولَئِكَ مَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ إِلَّا النَّارَ وَلَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ الْآيَةَ. هَذِهِ الْآيَةُ تَدُلُّ بِظَاهِرِهَا عَلَى أَنَّ اللَّهَ لَا يُكَلِّمُ الْكُفَّارَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، لِأَنَّ قَوْلَهُ تَعَالَى: وَلَا يُكَلِّمُهُمُ فِعْلٌ فِي سِيَاقِ النَّفْيِ، وَقَدْ تَقَرَّرَ فِي عِلْمِ الْأُصُولِ أَنَّ الْفِعْلَ فِي سِيَاقِ النَّفْيِ مِنْ صِيَغِ الْعُمُومِ، وَسَوَاءٌ كَانَ الْفِعْلُ مُتَعَدِّيًا

1 / 27