Dadaïsme et Surréalisme: Très Brève Introduction
الدادائية والسريالية: مقدمة قصيرة جدا
Genres
لما شعرنا بالاشمئزاز من وحشية الحرب العالمية التي اندلعت عام 1914، كرسنا أنفسنا في زيوريخ للفنون. وبينما كانت أصوات المدافع تدوي بعيدة، طفقنا ننشد ونرسم ونصنع لوحات من الكولاج ونكتب الشعر بكل ما أوتينا من قوة؛ كنا نبحث عن فن يستند إلى الأسس لنداوي به جنون هذا العصر، كنا نبحث عن نظام جديد للأشياء من شأنه أن يعيد لنا التوازن ما بين الجنة والنار.
من المثير أن ثمة ملاحظة بناءة جوهرية أعرب عنها آرب في حديثه عن الدور الشافي للفن، وعن «النظام الجديد للأشياء» هنا؛ فغيره من أتباع الدادائية كانوا أكثر سلبية بمراحل؛ حيث إنهم سعوا إلى هدم الفن كمبدأ من الأساس. كان لدى آرب نفسه إحساس مسيحي تقريبا بأنه يمكن إعادة ابتكار الفن من جديد. ولكن، ماذا يمكن أن يمثل مجيء الدادائية؟ بالالتفات إلى أصول كلمة «دادا» - وهي أصول مربكة جدا؛ حيث زعم الكثير من أعضاء الحركة أنهم اكتشفوها في ظروف مختلفة - يبدو أن قابلية الكلمة المحضة للتوسع جذبتهم إليها. سجل هوجو بال في مذكراته عن سنوات الدادائية المعنونة «الفرار من الزمن» - التي تعد حاليا أحد أبرز مصادر المعرفة عن حركة زيوريخ - أنه بعد أشهر قليلة من الأنشطة في كباريه فولتير، بدأت المجموعة ترى أن ثمة حاجة ماسة إلى إصدار منشور جمعي، ومن ثم دعت الحاجة إلى شكل من أشكال العلامات المميزة:
لا ينفك تزارا يعرب عن قلقه بشأن النشرة الدورية. قبل اقتراحي بتسميتها «دادا» ... والكلمة تعني بالرومانية «نعم، نعم»، وبالفرنسية «الحصان الخشبي الهزاز». وبالنسبة إلى الألمان، تعتبر الكلمة علامة على السذاجة الشديدة ومتعة التناسل، والانشغال بعربة الأطفال.
في المقابل، تذكر هيولسنبك أنه اكتشف الكلمة بينما كان هو وبال يتصفحان قاموسا، ووجد نفسه يعلن أن «أول صوت يصدر عن الطفل يعبر عن البدائية، والبداية من الصفر، وكل ما هو جديد في فننا.» المهم هنا أن بال يشدد على الشيوع العالمي للمبدأ؛ حيث يراه ضربا من اللغات الثقافية العالمية، بينما يشدد هيولسنبك على أفكار الهدم والتجديد. كان التوجهان مكونين أساسيين للدادائية. وبخلاف ذلك، نجد أن الكلمة تمثل - بشكل يشي بالمفارقة - كل شيء ولا شيء في آن واحد؛ لقد ارتقت إلى مزيج عبثي من التأكيد والنفي، وضرب من الصوفية الزائفة. كان الفن عقيدة ميتة، وولدت الدادائية.
ولكن، من الأمور المعقدة هنا أن الدادائية ولدت في مكان آخر في الوقت نفسه؛ ففي عام 1915، بلغ وافدان فرنسيان - مارسيل دوشامب وفرانسيس بيكابيا - مكانة شبيهة على مسافة أكبر بعض الشيء من الحرب الأوروبية، وتحديدا في نيويورك. كان الفنانان بارزين في الدوائر الفنية الفرنسية قبل الحرب، لكنهما انجذبا إلى أمريكا؛ إذ أحسا أنها ستكون أكثر تقبلا للأفكار الجديدة. لم تلق لوحة دوشامب «عارية تهبط الدرج رقم 2» المتأثرة بالتكعيبية نجاحا كبيرا لدى طليعية باريس، لكنها نقلت إلى نيويورك وحققت نجاحا مدويا بمعرض الأسلحة عام 1913. بحلول عام 1915، كان دوشامب قد صاغ ما وصفه بأنه موقف معاد للبصر فيما يتعلق بالابتكارات البصرية التي استحدثها في الفن الفرنسي ماتيس من ناحية، والتكعيبية من ناحية أخرى. وقد لازمت كراهية دوشامب للفن الذي يستميل العين وحدها دون العقل، سخرية من الآثار التي تركها عصر الآلة على النفس البشرية. ظل الخطاب الإنساني يدعم أفكار الروح والحب الرومانسي، ولكن بعد أن رأى دوشامب وبيكابيا في هذا التوجه خداعا للذات في مواجهة الميكنة المتزايدة للمجتمع، بدآ حوالي عامي 1915 و1916 في ابتكار لغة ساخرة من مزيج من الأصوات الآلية/البشرية، وتجلت أكثر من أي شيء آخر في لوحة دوشامب على الزجاج المسماة «عروس جردها خطابها من ثيابها» (أو «الزجاجة الكبيرة»)، وهو العمل الذي هجر باعتباره «غير مكتمل بشكل حاسم» عام 1923.
إن نفور دوشامب من ارتباط «الصنعة» بالفن البصري، وإيمانه الملازم بأن الأفكار ينبغي أن تحل محل المهارة اليدوية باعتبارها المكونات الأساسية للأعمال الفنية؛ هما اللذان أفضيا إلى اختياره عناصر «جاهزة» باعتبارها أغراضا فنية بداية من عام 1913 فصاعدا؛ ومن أشهر أغراضه السيئة السمعة تلك المبولة التي سلمها - ووقع عليها مازحا باسم «آر مات »، وأطلق عليها اسم «النافورة» - لمعرض جمعية الفنانين المستقلين بنيويورك في أبريل 1917.
شكل 1-2: مارسيل دوشامب، «النافورة»، عمل فني جاهز، تصوير ألفريد شتيجليتس كما ظهرت في دورية «الأعمى»، العدد الثاني (مارس، 1917).
وإن رفض هذا العمل من قبل لجنة اختيار اللوحات الفنية بحد ذاته، على الرغم من السياسة التي تفيد بأن سداد العضو لرسومه يضمن له حقوق العرض؛ قد أمسى بيانا للدادائية.
في هذه المرحلة، بدا أن هناك معرفة ما بأنشطة الدادائية من جانب دوشامب وبيكابيا، لكن العلامة نفسها لم تستخدم إلا بالكاد في نيويورك حتى أوائل عشرينيات القرن العشرين؛ ولهذا السبب نجد أن أنشطة دوشامب وبيكابيا خلال الفترة بين عامي 1915 و1917 تصنف عادة تحت اسم «الدادائية البدائية». لا شك أن ثمة شبكة طليعية كبيرة سرعان ما تطورت وأحاطت بالأوروبيين، وتضمنت أعضاء من «دائرة شتيجليتس» المزعومة، كانوا شركاء للمصور الأمريكي ألفريد شتيجليتس المؤيد المهم للفن الطليعي في الولايات المتحدة الأمريكية من خلال معرضه 291 في نيويورك، وأعضاء من «دائرة أرنسبرج» التي سميت تيمنا بجامعي القطع الفنية الثريين وولتر ولويز أرنسبرج اللذين تعهدا دوشامب بالرعاية. وعلى الرغم من ذلك، كانت الشخصيات الرئيسية هي المصور الأمريكي مان راي، الذي شارك دوشامب في عدد من المشروعات اللاحقة، وآخرين قدر لهما أن يصبحا جالبي الحظ للدادائية نظرا لغرابتهما الفطرية؛ وهما: آرثر كرافان المتقلب المزاج، والكاتبة الألمانية المنشأ البارونة إلسا فون فريتاج-لورينجهوفن.
الدادائية الألمانية
Page inconnue