Dadaïsme et Surréalisme: Très Brève Introduction
الدادائية والسريالية: مقدمة قصيرة جدا
Genres
هذه المقابلات المذهلة للمعلومات لها غرابتها الخاصة بطبيعة الحال، لكنها في هذه الحالة تساعد على الإطاحة بسلطة الفكرة الأوروبية الركيزة عن «الإنسان»، والمستندة إلى لون البشرة الأبيض والعقلانية الديكارتية، التي كانت راسخة في السابق ضد فكرة «البدائي».
لدينا الآن فرجة يمكن أن نطل منها على روح مناوئة للكولونيالية بعمق في الخطاب السريالي، ولكن علينا أن نعود إلى السريالية «الرسمية»، ولردود أفعال أندريه بريتون تجاه بزوغ نجم حركة «الزنوجة» في جزر الهند الفرنسية، لتقييم إلى أي مدى أمست السريالية مسيسة في علاقتها بالعرقية. لقد أبدى السرياليون معارضتهم للكولونيالية الفرنسية منذ عام 1925؛ إذ أيدوا علنا، في واحد من أول أفعالهم السياسية صراحة، رجال قبيلة الريف في نضالهم ضد السلطات الفرنسية في المغرب، وفي عام 1931، تظاهروا ضد الاستعراض الكبير المؤيد للاستعمار الذي أقيم في باريس للاحتفال بالسطوة الإقليمية لفرنسا. وعلاوة على توزيع منشور يحذر الناس من حضور هذا الاستعراض، فقد أقاموا معرضا بديلا تحت عنوان «حقيقة المستعمرات»، وعلقت واحدة من فترينات المعرض بوضوح على المفاهيم الغربية للأغراض القبلية باعتبارها «فتيشيات»؛ حيث احتوت على تمثال كاثوليكي للعذراء وطفلها إلى جوار صندوق تبرعات على هيئة طفل أسود يحمل ملصق «فتيشيات أوروبية»، في إشارة ضمنية بليغة إلى الفتيشية الدينية والاقتصادية للغرب. ومع ذلك، فقد شهدت أواخر الثلاثينيات تصاعدا في المشاعر المناوئة للاستعمار عبر العلاقات المقامة حديثا بين الحركة السريالية والكتاب الذين كانوا أنفسهم ذوي خلفية استعمارية؛ وكان الحافز الأكبر هنا الشاعر إيمي سيزير.
سيزير أصلا ابن جزر المارتينيك، ودرس في باريس في النصف الثاني من الثلاثينيات، لكنه عاد إلى بلاده عام 1939، ومن عام 1941 فصاعدا، نشر هو وزوجته سوزان والفيلسوف رينيه مينيل دورية بعنوان «تروبيك»، مزجت بين معارضة حكومة فيشي في باريس، والإعجاب بالمبادئ التحررية للسريالية بالتزامن مع بدايات أيديولوجية «الزنوجة»؛ أي تأكيد هوية السود في مواجهة الأيديولوجية «الاستيعابية» التي تقوم عليها السياسة الفرنسية تجاه مستعمراتها. في عام 1941، قام أندريه بريتون - الذي كان إبان تلك الفترة بصدد الهروب من الاحتلال الألماني لفرنسا وفي طريقه إلى الولايات المتحدة الأمريكية - بزيارة المارتينيك، واكتشف كلا من سيزير ودورية «تروبيك»؛ وبناء عليه أكد بريتون أن قصيدة «العودة إلى موطني»، وهي قصيدة طويلة ألفها سيزير في الفترة بين عامي 1938 و1939، كانت ببساطة «أعظم أثر غنائي في عصرنا.» ولم تكن هذه بلا شك نهاية علاقة بريتون بالمستعمرات؛ ففي عام 1945، هذه المرة قبل عودته مباشرة إلى فرنسا من أمريكا بعد الحرب العالمية الثانية، قام بزيارة هاييتي لإلقاء محاضرة عن السريالية. لقد شهدت هاييتي ثورة عبيد عام 1804، لكنها خضعت منذ عام 1915 إلى الهيمنة الأمريكية، ويبدو أن وجود بريتون لعب دور الحافز للشقاق بين صغار المفكرين، واندلعت الثورة، ولو أن الإيماءة السياسية الصريحة الوحيدة للقائد السريالي يبدو أنها تمثلت في رفضه لقاء رئيس الدولة المدعوم من أمريكا. لمرة واحدة إذن ساهم الخطاب السريالي في إحداث ثورة حقيقية.
بالعودة إلى أشعار سيزير، أو تحديدا إلى قصيدة «العودة إلى موطني»، حري بنا التأكيد على مدى تسخير تقنيات التجاور المتناقض السريالية، بعيدا عن حركة باريس، للتعبير عن استياء الناس من قمعهم الماضي وتوقهم إلى لغة جديدة.
شكل 5-3: ويفريدو لام، «الغابة»، لوحة زيتية، 1943، متحف الفن الحديث، نيويورك.
ولكن، أتستطيع أن تقتل الأسى بوجهه الجميل الشبيه بمحيا سيدة إنجليزية أصابها الذهول؛ إذ عثرت على جمجمة من قبيلة الهوتنتوت في وعاء حسائها؟ ... أريد أن أعيد اكتشاف رائحة الخطب العظيمة، والنيران الملتهبة. أريد أن أقول: عاصفة. أريد أن أقول: نهر. أريد أن أقول: إعصار. أريد أن أقول: ورقة شجر ...
ويجد مستوى الشغف هذا نظيرا له في الفنون البصرية، ممثلا في أعمال شخصية أخرى متأثرة بالسريالية، عادت إلى محل ميلادها المستعمر بعد الانغماس لفترة طويلة في الثقافة الأوروبية؛ ألا وهي ويفريدو لام. ولد لام أصلا في كوبا، وتدرب في مدريد، وتأثر تأثرا شديدا كرسام بلقائه ببيكاسو، ومن بعده بالسرياليين عام 1938، وأفضت عودته إلى كوبا، عن طريق جزر المارتينيك بصحبة بريتون، إلى إنتاجه لوحة عظيمة بعنوان «الغابة».
تتألف اللوحة من نسيج صوفي غليظ عليه أجساد عارية محاطة بكساء نباتي خانق، وهي توظف مفردات «بدائية» مستقاة من السريالية، للربط المتقاطع ما بين الغابات العجيبة بشكل بريء للرسام الفرنسي «البدائي» هنري روسو، والرؤية الانفصالية الشكلية للنساء في ماخور الممثلة برائعة بيكاسو الإبداعية السابقة للتكعيبية «آنسات أفينيون» عام 1907. كتب لام ليجعلنا على دراية بأثر الاستعمار على الغابة:
روسو ... لا يدين ما يحدث في الغابة، أما أنا فأدينه. انظروا إلى وحوشي والإيماءات التي تبدر منها. الوحش الموجود جهة اليمين يعرض ردفه بإباحية عاهرة. انظروا أيضا إلى المقص في الزاوية اليمنى العليا ...
إن حقيقة استدعاء السريالية للتعبير بوضوح عن المحفزات الأولى لحركة الزنوجة، قد يبدو أنها توحي بأن السريالية كانت مسيسة فيما يتعلق بالهوية العرقية، وعلى الرغم من ذلك، جاء دافع تلك اللمحات من خارج الحركة السائدة الكائنة بباريس لا من داخلها . حتى عام 1938، لم يزل السرياليون «الرسميون»، وتحديدا بريتون، قادرين على إضفاء سمة عجيبة على الثقافات الأخرى؛ فقد تصوروا المكسيك على سبيل المثال الدولة الثائرة المثالية؛ حيث شهدت ثورة شعبية في الفترة بين عامي 1910 و1917. وعندما زارها بريتون عام 1938، وكان حريصا على دعم التوسع الدولي للسريالية - بما يتسق مع استحداث مقار خارجية في تشيكوسلوفاكيا وبريطانيا وغيرها من الدول - لم تنل إعجابه أعمال الشيوعي الواقعي دييجو ريفيرا تحديدا، بقدر ما نالته أعمال زوجته فريدا كاهلو؛ فقد كانت أعمالها - بحسب تأكيدات بريتون - سريالية، ولو أنها لم تكن تعرف شيئا عن الحركة أساسا. في المقابل، كانت كاهلو ترى لوحاتها، التي كانت ذاتية الطابع في المقام الأول، واقعية جوهريا في روحها، وكانت نقاطها المرجعية خاصة جدا بالمكسيك؛ ففي لوحتها «ميلادي» (شكل
Page inconnue