Invitation à la philosophie : Un livre perdu d'Aristote
دعوة للفلسفة: كتاب مفقود لأرسطو
Genres
ترد في الفقرة (101) عبارات تدل على رأي أرسطو القاطع في تكذيب الأحلام واعتبار الرؤى والتخيلات التي تطوف بنا في النوم نوعا من الخداع الذي لا نصيب له من الحقيقة. وإذا كان أفلاطون في مناقشته المشهورة لموضوع الأحلام (الجمهورية 571-572) قد ذهب إلى أن «الرجل الحكيم» يمكن أن يقترب من الحقيقة في أحلامه بحيث لا تبتعد رؤاه وتخيلاته عن الواقع المألوف أدنى بعد، فإن أرسطو ينفي في كتابنا هذا وفي مواضع أخرى من كتبه أن يكون للأحلام أي نصيب من الحقيقة والصدق، وإن كانت تعبر عن نوع من الإدراك أو الإحساس الذي ليس من السهل احتقاره ولا الاقتناع به (كما يقول في مقالته عن النوم 462 ب12 انظر كذلك الميتافيزيقا، مقالة الدلتا 29، وكذلك الفقرة التي نحن بصددها من هذا الكتاب).
أما كلامه في الفقرة التالية عن الهروب من الغامض والمجهول والسعي إلى الواضح والمعروف فلعله أن يكون متأثرا برأي أفلاطون في أن مثال الخير - وهو أسمى المثل وأرفعها قدرا - يفيض النور والوجود والمعرفة على الأشياء الموجودة في عالم الحس (الجمهورية 509أ). وإذا كان الفكر الفلسفي اليوناني يوجد بوجه عام بين النظر العقلي والنظر بالعين، بحيث يمكن القول أن التأمل عنده مقترن بالمشاهدة والرؤية الجمالية (خصوصا عند أفلاطون!) فليس غريبا أن تتردد عند أرسطو وعند غيره من مفكري اليونان صور العقل والنور والبصر (انظر مثلا الخطابة 3-10، 1411 ب12، والطوبيقا 1-17، 108أ 11، والأخلاق النيقوماخية 1-4، 1096 ب29). (ب104-110) يبدو من روح هذه الفقرات الأخيرة والتشاؤم الغالب عليها (والمتأصل في الروح الإغريقية جنبا إلى جنب مع التفاؤل العقلي، وهذا هو وجه المفارقة النادرة فيها!) أنها مستوحاة بوجه خاص من محاورة فايدون لأفلاطون (64أ -70ب) التي تعرض نفس الفكرة تقريبا على النحو التالي: «إن التفلسف معناه تحرير النفس من الجسم،
18
صحيح أن الرجل العادي يرى أن الحياة بغير لذة الحواس لا قيمة لها (65أ) ولكن هذه اللذة عديمة القيمة؛ فالعقل
19
يفكر أوضح تفكير عندما يسعى في طلب الموجود. إن الفيلسوف يتوصل للحكمة
20
والحقيقة عندما يبحث بالفكر الخالص عن الطبيعة الحقة للأشياء، ولكنه لا يستطيع بلوغ المعرفة الصادقة بالوجود الحقيقي طالما بقيت نفسه مطروحة مع جسده السيئ؛
21
لهذا ينبغي علينا أن نسعى إلى تحرير النفس من الجسد (67ج) حتى تتمكن من التركيز على الفاعلية الباطنة، «وتكون» حرة من أغلال الجسد. إنك إذا تأملت عامة الناس وجدت كل سعيهم باطلا، «ولاحظت» أنه في معظم الأحوال نوع من المهادنة لاجتناب شر معين. إنهم يعيشون في قلق دائم ولا يفهمون أن الحكمة وحدها هي العملة الأصيلة التي يمكننا أن نشتري بها فضيلة النفس، وليست الحياة الخالية من الحكمة إلا لعبا أو رسما بالظلال (69ب)، وهي في الواقع حياة الاستعباد.»
Page inconnue