L'Appel du ciel: Bilal ibn Rabah, le muezzin du Prophète
داعي السماء: بلال بن رباح «مؤذن الرسول»
Genres
لا تأخذه سنة ولا نوم ... فإن كان الترجمان ممن يعون طرفا من تاريخ الإسلام فلعله ينبئه أن المؤذن الأول - أول من رتل الدعاء إلى الصلاة - كان الخادم المقدس الذي اصطفاه نبي الإسلام لهذه الدعوة، بلال بن رباح، صاحب الضريح الذي يشار إليه للسائح في ناحية من دمشق حتى هذا اليوم.
وقد لمسنا نحن أثر الأذان البالغ في روع كثير من السائحين والسائحات الذين ينزلون ببلدتنا أسوان خلال الشتاء، أو يمرون بها في الطريق من السودان وإليه.
فإنهم كانوا يصلون إلى أسوان وقد سمعوا الأذان مرات في القاهرة والإسكندرية، وربما سمعوه في غيرهما من البلدان الإسلامية، ولكنه كان يفاجئهم بجدة لا تبلى كلما طرق أسماعهم بالليل أو النهار - ولا سيما في أيام الجمعة. وكان من المصادفات الطيبة أن مؤذن الجامع الأكبر بالمدينة كان حسن الصوت منطلق الدعاء، يمزج الغيرة الدينية بالغيرة الفنية في أذانه، فكان يخيل إلينا وهم يصغون إليه أنهم يتسمعون هاتفا من هواتف الغيب يطرق الأسماع في وقت رتيب، أو يترقبون طائرا من طوائر الهجرة التي تأتي في الأوان، ولكن كما يأتي كل شيء غريب.
وكان من عادات المؤذنين التي لبثوا يعيدونها في شهر رمضان إلى عهد قريب أن يدقوا طبول السحور على المنائر العالية في الهزيع الأخير من الليل. فشكا بعض النازلين بالفنادق القريبة من المنارة وترددوا في تبليغ شكواهم إلى رجال الحكومة؛ لأنهم حسبوا هذه الطبول شعيرة من شعائر الإسلام، فلما سأل عنها بعض مثقفيهم وقيل لهم: إنها عادة من عادات البلد وليست شعيرة من شعائر الدين تقدموا برجائهم وقالوا: إننا لا نشكو من الأذان؛ لأنه لا يقلقنا ولا يزال يسري إلينا في ساعة الفجر كما يسري الحلم الجميل، ولكننا نقلق من هذه الطبول التي تدق فوق رءوسنا، وكنا نحتملها لو علمنا أنها شعيرة لا تبديل لها. ولكننا علمنا أنها تبدل في كل بلد إسلامي على حسب عاداته، وأن المدن الكبرى تستبدل بها طبولا صغيرة تدق على الأبواب: فاسمحوا لنا أن نهدي إلى البلد بعض هذه الطبول.
وكانت هذه الطبول مما يباع في كل موسم للسائحين على أحجام مختلفة؛ لأنها كانت تستخدم في عهد الدراويش بالسودان، إما لجمع الجند أو لتنبيه الغافلين أو للتوقيع والتنغيم، وكانت ملابس الدراويش وأسلحتهم وأدوات معيشتهم مما يبحث عنه السائحون في أسواق البلدة، فتبرعوا بالطبول الصغيرة فرحين؛ لأنها تنقذهم من قرع الطبول حين يختلط بأصوات المؤذنين، فيقلقهم ويشوه عندهم جمال الأذان الخفيف على أسماع النيام. •••
وقد كانت هذه الطبول وشيكة في بداية الأمر أن تقوم مقام الأذان في دعوة المسلمين إلى الصلاة.
إذ لم يكن الأذان كما نسمعه اليوم معروفا قبل انتشار الإسلام في مكة والمدينة، وإنما كان المسلمون طائفة قليلة يدعون إلى الصلاة الجامعة بالنداء الذي يسمع من قريب، فلما صرفت القبلة إلى الكعبة فكر المسلمون في دعاء إلى الصلاة يسمعه المنتشرون بالمدينة من بعيد.
ومن جملة الروايات التي جاءت في طبقات ابن سعد وغيرها يفهم أنهم كانوا قبل أن يؤمر بالأذان ينادي منادي النبي عليه السلام: الصلاة جامعة! فيجتمع الناس ... فلما صرفت القبلة إلى الكعبة تذكر المسلمون الأمر فذكر بعضهم البوق وذكر بعضهم الناقوس وذكر بعضهم نارا توقد كنار القرى، ثم تفرقوا على غير رأي، ومنهم عبد الله بن زيد الخزرجي ... فلما دخل على أهله فقالوا: ألا نعشيك؟ قال: لا أذوق طعاما. فإني قد رأيت رسول الله قد أهمه أمر الصلاة، ونام فرأى أن رجلا مر وعليه ثوبان أخضران وفي يده ناقوس. فسأله: أتبيع الناقوس؟ فقال: ماذا تريد به؟ قال: أريد أن أبتاعه لكي أضرب به للصلاة لجماعة الناس. فأجابه الرجل: بل أحدثك بخير لكم من ذلك. تقول: الله أكبر. أشهد أن لا إله إلا الله. أشهد أن محمدا رسول الله. حي على الصلاة حي على الفلاح. الله أكبر. الله أكبر. لا إله إلا الله. ونادى الرجل بذلك النداء وهو قائم على سقف المسجد، ثم قعد قعدة ثم نهض فأقام الصلاة.
فلما استيقظ عبد الله بن زيد من منامه ذهب إلى النبي عليه السلام فقص عليه ما رأى، فقال له: قم مع بلال فألق عليه ما قيل لك، وجاء الفاروق بعد ذلك فقص على النبي مناما يشبه ذلك المنام.
وجرى الأمر في الدعوة إلى الصلاة منذ ذلك اليوم على الأذان كما نسمعه الآن، وزاد بلال في أذان الصبح «الصلاة خير من النوم» فأقرها النبي عليه السلام، وبقي النداء في الناس بالصلاة الجامعة للأمر يحدث فيحضرون له يخبرون به مثل فتح يقرأ، أو دعوة يدعون إليها، وإن كان في غير وقت الصلاة.
Page inconnue