Dacaya Ila Sabil Muminin
الدعاية إلى سبيل المؤمنين لأبي إسحاق اطفيش
Genres
ترى الشخص منهم يجهد نفسه ليلا ونهارا في درس متون الفقه وتفهم مسائل الفتوى واللعان والظهار والسلم والشفعة والإجارات وما أشبه ذلك من مسائل الفروع التي تنقضي الدهور ولا يحتاج إلى شيء منها ، وإن احتيج لم يخل البلد عمن يقوم بها ويكفيه مؤنة التعب فيها على أنها من الفروض الكفائية ، وهو في غفلة عن واجبات نفسه من تطهيرها من الأدناس وتزكيتها بحسن الأعمال وتحليتها بالفضائل ، وعن واجبات الهيئة الاجتماعية وحرس الدين والأمة من كل فساد جهد استطاعته .
الفقه علم النفس ما لها وما عليها فعلا وتركا ، وإذا أراد الله خيرا بعبده صيره عارفا بذلك بأن يلهمه تعاطي أسباب التحصيل ويؤيد بروح منه حتى يفوز بالمراد ، وهذا شامل لكل الواجبات دينية أو دنيوية ، فمقاصد الخلق مجموعة في الدين والدنيا ، ولا نظام في الدين إلا بنظام الدنيا ؛ لأن الدنيا مزرعة للآخرة ، وهي المطية والآلة الموصلة إلى الله لمن اتخذها آلة ومطية قال - عليه الصلاة والسلام- ( الدنيا مطية المؤمن عليها يبلغ الآخرة ) .
يظهر من الاستدلال بالحديث في كلام ( الجمود ) إن الاشتغال بغير الفقه من العلوم لا يجوز ، ولا يكون إلا ممن لم يرد الله به خيرا ، وهو سخافة وهراء فإن من التفقه في الدين العلم بالفروض العينية ، فمتى جاء المرء بواجباته من صلاة وزكاة وصيام وحج وما يتابعها من الفروض كان من المتفقهين في الدين ؛ لأن الفروض الكفائية يسع للإنسان جهلها ما لم تتعين عليه .
Page 111