La réponse suffisante pour celui qui demande le remède qui guérit ou la maladie et le remède
الجواب الكافي لمن سأل عن الدواء الشافي أو الداء والدواء
Maison d'édition
دار المعرفة
Numéro d'édition
الأولى
Année de publication
١٤١٨هـ - ١٩٩٧م
Lieu d'édition
المغرب
وَهُوَ سُبْحَانَهُ كَمَا جَعَلَ الرَّجَاءَ لِأَهْلِ الْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ، فَكَذَلِكَ جَعَلَ الْخَوْفَ لِأَهْلِ الْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ، فَعُلِمَ أَنَّ الرَّجَاءَ وَالْخَوْفَ النَّافِعَ مَا اقْتَرَنَ بِهِ الْعَمَلُ.
قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ هُمْ مِنْ خَشْيَةِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ - وَالَّذِينَ هُمْ بِآيَاتِ رَبِّهِمْ يُؤْمِنُونَ - وَالَّذِينَ هُمْ بِرَبِّهِمْ لَا يُشْرِكُونَ - وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ - أُولَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ﴾ [سُورَةُ الْمُؤْمِنُونَ: ٥٧ - ٦١] .
وَقَدْ رَوَى التِّرْمِذِيُّ فِي جَامِعِهِ عَنْ عَائِشَةَ ﵂ قَالَتْ: سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ عَنْ هَذِهِ الْآيَةِ فَقُلْتُ: أَهُمُ الَّذِينَ يَشْرَبُونَ الْخَمْرَ، وَيَزْنُونَ، وَيَسْرِقُونَ، فَقَالَ: «لَا يَا ابْنَةَ الصِّدِّيقِ، وَلَكِنَّهُمُ الَّذِينَ يَصُومُونَ وَيُصَلُّونَ وَيَتَصَدَّقُونَ، وَيَخَافُونَ أَنْ لَا يُتَقَبَّلَ مِنْهُمْ، أُولَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ.» وَقَدْ رُوِيَ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ أَيْضًا.
وَاللَّهُ سُبْحَانَهُ وَصَفَ أَهْلَ السَّعَادَةِ بِالْإِحْسَانِ مَعَ الْخَوْفِ، وَوَصَفَ الْأَشْقِيَاءَ بِالْإِسَاءَةِ مَعَ الْأَمْنِ.
خَوْفُ الصَّحَابَةِ مِنَ اللَّهِ
مَنْ تَأَمَّلَ أَحْوَالَ الصَّحَابَةِ ﵃ وَجَدَهُمْ فِي غَايَةِ الْعَمَلِ مَعَ غَايَةِ الْخَوْفِ، وَنَحْنُ جَمِيعًا بَيْنَ التَّقْصِيرِ، بَلِ التَّفْرِيطِ وَالْأَمْنِ، فَهَذَا الصِّدِّيقُ ﵁ يَقُولُ: وَدِدْتُ أَنِّي شَعْرَةٌ فِي جَنْبِ عَبْدٍ مُؤْمِنٍ، ذَكَرَهُ أَحْمَدُ عَنْهُ.
وَذَكَرَ عَنْهُ أَيْضًا أَنَّهُ كَانَ يَمْسِكُ بِلِسَانِهِ وَيَقُولُ: هَذَا الَّذِي أَوْرَدَنِي الْمَوَارِدَ، وَكَانَ يَبْكِي كَثِيرًا، وَيَقُولُ: ابْكُوا، فَإِنْ لَمْ تَبْكُوا فَتَبَاكُوا.
وَكَانَ إِذَا قَامَ إِلَى الصَّلَاةِ كَأَنَّهُ عُودٌ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ ﷿.
وَأَتَى بِطَائِرٍ فَقَلَبَهُ ثُمَّ قَالَ: مَا صِيدَ مِنْ صَيْدٍ، وَلَا قُطِعَتْ شَجَرَةٌ مِنْ شَجَرَةٍ، إِلَّا بِمَا ضَيَّعَتْ مِنَ التَّسْبِيحِ، فَلَمَّا احْتَضَرَ، قَالَ لِعَائِشَةَ: يَا بُنَيَّةُ، إِنِّي أَصَبْتُ مِنْ مَالِ الْمُسْلِمِينَ هَذِهِ الْعَبَاءَةَ وَهَذِهِ الْحِلَابَ وَهَذَا الْعَبْدَ، فَأَسْرِعِي بِهِ إِلَى ابْنِ الْخَطَّابِ، وَقَالَ: وَاللَّهِ لَوَدِدْتُ أَنِّي كُنْتُ هَذِهِ الشَّجَرَةَ تُؤْكَلُ وَتُعْضَدُ.
وَقَالَ قَتَادَةُ: بَلَغَنِي أَنَّ أَبَا بَكْرٍ قَالَ: لَيْتَنِي خُضْرَةٌ تَأْكُلُنِي الدَّوَابُّ.
وَهَذَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ قَرَأَ سُورَةَ الطُّورِ إِلَى أَنْ بَلَغَ: ﴿إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ لَوَاقِعٌ﴾ [سُورَةُ الطُّورِ: ٧٧] فَبَكَى وَاشْتَدَّ بُكَاؤُهُ حَتَّى مَرِضَ وَعَادُوهُ.
1 / 40