وفي ذلك ما يقول الله سبحانه: { ولو ترى إذ المجرمون ناكسوا رؤوسهم عند ربهم ربنا أبصرنا وسمعنا فارجعنا نعمل صالحا إنا موقنون} [السجدة: 12]. وعند تلك وفيها، وعند ما صاروا إليها، قالوا: { ربنا غلبت علينا شقوتنا وكنا قوما ضآلين، ربنا أخرجنا منها فإن عدنا فإنا ظالمون} [المؤمنون: 106 - 107]، فما كان جوابهم عند قولهم وطلبهم، وعندما أحل من سخط الله المخلد بهم، إلا أن قال :{ اخسئوا فيها ولا تكلمون} [المؤمنون: 108].
يا أخي فاسمع ما تسمع سماع متبع، ولا تسمعه سماع مستمع، فرب مستمع غير سميع، وسامع مطيع، كما قال الله سبحانه :{ وإن تدعوهم إلى الهدى لا يسمعوا تأويل ذلك: لم يطعيوا ولم يعوا وتراهم ينظرون إليك وهم لا يبصرون} [الأعراف: 198]. وتأويل ذلك: لا يبصرون من الهدى ما تبصرون. وفيمن سمع بالسمع، ولم يسمع ولم يطع، ما يقول الله تبارك وتعالى في التنزيل، للعصاة من بني إسرآئيل :{ وأخذنا ميثاقكم ورفعنا فوقكم الطور خذوا ما آتيناكم بقوة واسمعوا قالوا سمعنا وعصينا} [البقرة: 93]. فنسأل الله أن يمن بالسماع النافع عليك وعلينا، فإنا من الصمم والحيرة والظلم في البحر الزاخر، واللج الغامر، فلا ينجو من غمره إلا من نجاه الله، ولا يلجأ من غرقه إلا من أنجاه، والله المستعان، وعليه التكلان.
Page 345