153

Cuyun Tafasir

عيون التفاسير للفضلاء السماسير للسيواسي

Genres

الأفعال والتروك، ثم عطف عليه الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لكونه خاصا بقوله (ويأمرون بالمعروف) وهو الاقتداء بالنبي عليه السلام، وقيل «1»: كل ما يحسن في الشرع «2» (وينهون عن المنكر) وهو العمل المخالف للشرع، وإنما ذكر الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بعد ذكر الدعاء إلى الخير فانه عام في الأفعال والتروك «3» إيذانا بفضلهما «4» عن سائر أفراده، وإنما أورد ب «من» «5» التبعيضية، لأنه لا يصلح كل أحد للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وإنما يصلح لذلك من علم المعروف والمنكر وعلم كيفية ترتيب الأمر والمباشرة فان الجاهل ربما عكس أو يغلظ «6» في مقام اللين أو يلين «7» في مقام التغليظ، وربما ينكر على من يزيده إنكاره تماديا في الشر، وربما عرف مذهبه وجهل مذهب غيره فأنكره فيكون عبثا، وقيل: «من» فيه للبيان «8»، أي كونوا أمة تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر، فيجب ذلك على كل واحد على سبيل فرض الكفاية حتى على الفاسق عند البعض لقوله عليه السلام: «من رأى منكم منكرا فليغيره بيده فان لم يستطع فبلسانه فان لم يستطع فبقلبه- أي فليكرهه بقلبه «9» - وذلك أضعف الإيمان» «10»، أي أضعف أفعال أهل الإيمان «11»، وقيل: هذا محمول على أنه يجب «12» على الأمراء باليد وعلى العلماء باللسان وعلى العوام بالقلب «13»، وقد أجمعوا على أن «14» من رأى غيره تاركا للصلوة وجب عليه الإنكار، لأن قبحه معلوم لكل أحد من أهل الإسلام، روي عن بعض الصحابة: أن الرجل إذا لم يستطع الإنكار على منكر رآه فليقل ثلث مرات: اللهم إن هذا منكر، فاذا قال ذلك فقد فعل ما عليه «15»، قيل: شرط الوجوب أن يغلب على ظنه وقوع المعصية لظهور «16» أماراتها كاعداد آلات شرب الخمر، وأن لا يغلب على ظنه أنه إن أنكر لحقته مضرة عظيمة وأن يبتدئ بالأسهل فان لم ينفع فبالأصعب وينهى الصبي والمجنون إذا هما بضرر غيره وينهى الصبي عن المحرمات حتى لا يتعودها «17» (وأولئك هم المفلحون) [104] أي أهل هذه الصفة هم المختصون بالفلاح يوم القيامة، روي أنه عليه السلام سئل وهو على المنبر من خير الناس؟

قال: «آمرهم وأنهاهم عن المنكر وأتقاكم لله وأوصلهم للرحم» «18».

[سورة آل عمران (3): آية 105]

ولا تكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا من بعد ما جاءهم البينات وأولئك لهم عذاب عظيم (105)

(ولا تكونوا كالذين تفرقوا) في الدين كاليهود والنصارى أو كالمبتدعين من هذه الأمة (واختلفوا من بعد ما جاءهم البينات) الموجبة على كلمة الحق (وأولئك لهم عذاب عظيم) [105] أي «19» لا يرفع عنهم أبدا.

[سورة آل عمران (3): آية 106]

يوم تبيض وجوه وتسود وجوه فأما الذين اسودت وجوههم أكفرتم بعد إيمانكم فذوقوا العذاب بما كنتم تكفرون (106)

(يوم تبيض وجوه) نصب بالظرف، وهو لهم أو باضمار الفعل، أي اذكر يوم تكون وجوه المؤمنين مبيضة بالإيمان والثبات عليه كوجوه المهاجرين والأنصار (وتسود وجوه) أي تكون وجوه الكافرين مسودة بالكفر

Page 172