فإنه لما لزم الارتحال إلى لندن لقصد المعالجة بعد أن تطاولت مدة الآثار، وقد ندب الشرع الشريف إلى التداوي في صحيح الأخبار، وكان دخول المستشفى بلندن يوم السبت أول شهر ربيع الأول سنة 1389 ه، ثم كان العود بعد الوصول إلى ألمانيا يوم الأحد 25 جمادى الأخرى، وكان الوصول إلى جدة ليلة الاثنين 26، فقد طالت المدة وأكثرها بلندن لضرورة المعالجة والحمد لله تعالى على نعمه التي لا تحصى حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه، كان الوقوف هنالك على عجائب وغرائب وسأقيد هنا بعض ما كتبته من الفوائد والفرائد ابتداء بما نقلته من المتحف البريطاني المسمى بالإنجليزية (بريتش موزيم) من سيرة إمام اليمن الميمون الهادي إلى الحق المبين إمام الأئمة ومنقذ الأمة أمير المؤمنين أبي الحسين يحيى بن الحسين بن القاسم بن إبراهيم بن إسماعيل بن إبراهيم بن الحسن الرضا بن الحسن السبط بن أمير المؤمنين وأخي سيد النبيئين علي بن أبي طالب وابن سيدة نساء العالمين فاطمة بنت خاتم النبيين محمد الأمين عليهم أزكى صلوات رب العالمين وسلامه وبركاته وتحياته، وهذه السيرة بحمد الله موجودة لدينا باليمن وكذا غيرها مما أنقله من اللمع الفريدة والنكت المفيدة ولكني أعجبت بوجودها ووجود مؤلفات أئمة العترة عليهم السلام وسيرهم وآثارهم هنالك فأحببت نقل ما نقلت ليعلم المطلع أن الله تعالى قد نشر آثار هذه الذرية النبوية في جميع الأقطار وأظهر أنوارهم المضيئة فسارت مسير الشموس والأقمار وأن من يحاول طم آثارهم وطمس منارهم يحاول نزح البحار، وإطفاء الأنوار كما قال الله جل جلاله : {يريدون أن يطفئوا نور الله بأفواههم ويأبى الله إلا أن يتم نوره ولو كره الكافرون(32)}[التوبة]، وما أحسن قول من قال:
وفي تعب من يحسد الشمس نورها .... ويجهد أن يأتي لها بضريب
ولله السيد الإمام الهادي بن إبراهيم الوزير حيث يقول مع تغيير يسير في المصراع الأخير:
إذا افتخرت أميتهم علينا .... بقول جريرها في الامتداح
ألستم خير من ركب المطايا .... وأندى العالمين بطون راح
أجبناهم بما قد قيل فينا .... وفي آبائنا صيد البطاح
أليس لجدكم في اللوح ذكر .... مع اسم الله لا يمحوه ماح
ومن قال الولاية في سواكم .... فليس من الدعاة إلى الصلاح
وقد نقلت في التحف شرح الزلف وغيرها من اعتراف علماء المسلمين من أرباب الحديث والمؤرخين المرجوع إليهم عند الأمة وليسوا من المنتمين إلى طائفة الزيدية وإقرارهم بما خصهم الله تعالى به من العلم والفضل والسيرة الطاهرة والشمائل النبوية والفضائل العلوية ولا سيما إمام الأئمة وهادي هداة الأمة الذي كشف الله تعالى به عن اليمن الغمة وأزاح به ظلمات الظلمة ما يقر أعين الناظرين المحبين، ويجدع أنوف الجاحدين المناصبين والعاقبة للمتقين.
Page 21