Les Yeux du Patrimoine sur les Arts des Campagnes Militaires, les Traits Physiques et les Biographies
عيون الأثر في فنون المغازي والشمائل والسير
Maison d'édition
دار القلم
Numéro d'édition
الأولى
Année de publication
١٤١٤/١٩٩٣.
Lieu d'édition
بيروت
أبي سلمة» قالت: نعم، قال: «فو الله لو لم تكن ربيتني فِي حِجْرِي مَا حَلَّتْ لِي، إِنَّهَا لابْنَةُ أخي من الرضاعة، أرضعتني وأباها ثُوَيْبَةُ، فَلا تَعْرِضْنَ عَلَيَّ بَنَاتِكُنَّ وَلا أَخَوَاتِكُنَّ» [١] الحديث.
وَذَكَرَ الزُّبَيْرُ أَنَّ حَمْزَةَ أَسَنُّ مِنَ النَّبِيِّ ﷺ بِأَرْبَعِ سِنِينَ. وَحَكَى أَبُو عُمَرَ نَحْوَهُ وَقَالَ: وَهَذَا لا يَصْلُحُ عِنْدِي، لأَنَّ الْحَدِيثَ الثَّابِتَ أَنَّ حَمْزَةَ وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبْدِ الأَسَدِ أَرْضَعَتْهُمَا ثُوَيْبَةُ مَعَ رسول الله ﷺ، إلا أَنْ تَكُونَ أَرْضَعَتْهُمَا فِي زَمَانَيْنِ. قُلْتُ: وَأَقْرَبُ من هذا ما روينا عن ابن إسحق مِنْ طَرِيقِ الْبَكَّائِيِّ أَنَّهُ كَانَ أَسَنَّ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ بِسَنَتَيْنِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَاسْتَرْضَعَ لَهُ مِنْ بَنِي سَعْدِ بْنِ بَكْرٍ امْرَأَةً يُقَالُ لَهَا حَلِيمَةُ بِنْتُ أَبِي ذُؤَيْبٍ، وَكَانَتْ تُحَدِّثُ أَنَّهَا خَرَجَتْ مِنْ بَلَدِهَا مَعَ زَوْجِهَا [٢] وَابْنٍ لَهَا [٣] تُرْضِعُهُ فِي نِسْوَةٍ مِنْ بَنِي سَعْدِ بْنِ بَكْرٍ قَالَتْ: وَفِي سَنَةٍ شَهْبَاءَ [٤] لَمْ تُبْقِ لَنَا شَيْئًا قَالَتْ: فَخَرَجْتُ عَلَى أَتَانٍ لِي قَمْرَاءَ [٥]، مَعَنَا شَارِفٌ [٦] لَنَا، وَاللَّهِ مَا تَبِضُّ [٧] بِقَطْرَةِ لَبَنٍ، وَمَا نَنَامُ لَيْلَتَنَا أَجْمَعَ مَعَ صَبِيِّنَا الَّذِي مَعَنَا مِنْ بُكَائِهِ مِنَ الْجُوعِ، مَا فِي ثَدْيِي مَا يُغْنِيهِ، وَمَا فِي شَارِفِنَا مَا يُغَذِّيهِ، وَلَكِنَّا نَرْجُو الْغَيْثَ وَالْفَرَجَ، فَخَرَجْتُ عَلَى أَتَانِي تِلْكَ، فَلَقَدْ أَذَمَّتْ [٨] بِالرَّكْبِ حَتَّى شَقَّ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ ضَعْفًا وَعَجَفًا، حَتَّى قَدِمْنَا مَكَّةَ نَلْتَمِسُ الرُّضَعَاءَ، فَمَا مِنَّا امْرَأَةٌ إِلَّا وَقَدْ عُرِضَ عَلَيْهَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فَتَأْبَاهُ إِذَا قِيلَ لَهَا إِنَّهُ يَتِيمٌ، وَذَلِكَ أَنَا إِنَّمَا كُنَّا نَرْجُو الْمَعْرُوفَ مِنْ أَبِي الصَّبِيِّ، فَكُنَّا نَقُولُ: يَتِيمٌ! مَا عَسَى أَنْ تَصْنَعَ أُمُّهُ وَجَدُّهُ، فَكُنَّا نَكْرَهُهُ لِذَلِكَ فَمَا بَقِيَتِ امْرَأَةٌ قَدِمَتْ مَعِي إِلَّا أَخَذَتْ رضيعا غيري، فلما أجمعنا
_________
[(١)] انظر كنز العمال (٦/ ٢٨٣) رقم ١٥٧٢٥، وفيه: قال عروة: وكانت ثويبة مولاة لأبي لهب، كان أبو لهب أعتقها، فأرضعت رسول الله ﷺ، فلما رآه بعض أهله في النوم فقال: ماذا لقيت؟ قال أبو لهب: لم ألق بعدكم راحة، غير أن سقيت في هذه مني بعتقي ثويبة، وأشار إلى النقرة التي تلي الإبهام والتي تليها.
[(٢)] وهو الحارث بن عبد العزي بن رفاعة بن ملان بن ناصرة بن فصية بْنِ نَصْرِ بْنِ سَعْدِ بْنِ بَكْرِ بْنِ هوازن.
[(٣)] يقال أن اسمه عبد الله بن الحارث.
[(٤)] أي ذات قحط وجدب.
[(٥)] الأتان: الحمارة، والقمرة: شدة البياض أو البياض المائل إلى الخضرة.
[(٦)] الشارف: الناقة المسنة.
[(٧)] يقال: بض الماء بضا وبضوضا أي رشح.
[(٨)] أي تأخرت بالركب من الإعياء.
1 / 41