Les Yeux du Patrimoine sur les Arts des Campagnes Militaires, les Traits Physiques et les Biographies
عيون الأثر في فنون المغازي والشمائل والسير
Maison d'édition
دار القلم
Numéro d'édition
الأولى
Année de publication
١٤١٤/١٩٩٣.
Lieu d'édition
بيروت
قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: وَبَلَغَنِي عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُول اللَّهِ ﷺ لَمْ يَبْلُغِ الدَّرَجَة الْمَبْنِيَّةَ فِي الشعب وذكر عمر مولى عفرة أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ صَلَّى الظُّهْرَ يَوْمَ أُحُدٍ قَاعِدًا مِنَ الْجِرَاحِ الَّتِي أَصَابَتْهُ، وَصَلَّى الْمُسْلِمُونَ خَلْفَهُ قُعُودًا.
قَالَ ابْنُ إسحق: وَقَدْ كَانَ النَّاسُ انهْزَمُوا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ حَتَّى انْتَهَى بَعْضُهُمْ إِلَى [الْمنقى] [١] دُونَ الأَعْوَصِ [٢] .
وحَدَّثَنِي عَاصِمُ بْنُ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ عَنْ مَحْمُودِ بْنِ لَبِيدٍ قَالَ: فَلَمَّا خَرَجَ رَسُول اللَّهِ ﷺ إِلَى أُحُدٍ رَفَعَ حسيلُ بْنُ جَابِرٍ وَهُوَ: الْيَمَانُ، أَبُو حُذَيْفَةَ بْنُ الْيَمَانِ، وَثَابِتُ بْنُ وقشٍ فِي الآطَامِ مَعَ النِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ، فَقَالَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ (وَهُمَا شَيْخَانِ كَبِيرَانِ) لا أَبًا لَكَ، مَا نَنْتَظِرُ، فَوَاللَّهِ إِنْ بَقِيَ لِوَاحِدٍ مِنَّا [٣] مِنْ عُمْرِهِ إِلَّا ظمء حِمَارٍ، إِنَّمَا نَحْنُ هَامة الْيَوْمَ أَوْ غَدًا، أَفَلا نَأْخُذُ أَسْيَافَنَا ثُمَّ نَلْحَقُ بِرَسُول اللَّهِ ﷺ لَعَلَّ اللَّهَ يَرْزُقُنَا شَهَادَةً مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، فَأَخَذَا أَسْيَافَهُمَا ثُمَّ خَرَجَا حَتَّى دَخَلا فِي النَّاسِ، وَلَمْ يُعْلَمْ بِهِمَا، فَأَمَّا ثَابتُ بْنُ وقشٍ فَقَتَلَهُ الْمُشْرِكُونَ، وَأَمَّا حَسِيل بْنُ جَابِرٍ فَاخْتَلَفَتْ عَلَيْهِ أَسْيَافُ الْمُسْلِمِينَ فَقَتَلُوهُ وَلا يَعْرِفُونَهُ، فَقَالَ حُذَيْفَةُ: أَبِي، وَاللَّهِ أَبِي، قَالُوا: وَاللَّهِ إِنْ عَرَفْنَاهُ، وَصَدَقُوا فَقَالَ حُذَيْفَةُ: يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ، فَأَرَادَ رَسُول اللَّهِ ﷺ أَنْ يَدِيَهُ، فَتَصَدَّقَ حُذَيْفَةُ بِدِيَتِهِ عَلَى الْمُسْلِمِينَ، فَزَادَهُ عِنْدَ رسول الله ﷺ خيرا.
قال ابن إسحق: وحَدَّثَنِي عَاصِمُ بْنُ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ قَالَ: كَانَ فِينَا رَجُل أَتَى [٤]، وَلا نَدْرِي مِمَّنْ هُوَ، يُقَال لَهُ: قُزْمَانُ، وَكَانَ رَسُول اللَّهِ ﷺ إِذَا ذَكَرَهُ يَقُولُ إِنَّهُ لَمِنْ أَهْلِ النَّارِ، قَالَ: فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ أُحُدٍ قَاتَلَ قِتَالا شَدِيدًا، فَقَتَلَ وَحْدَهُ ثَمَانِيَةً أَوْ سَبْعَةً مِنَ الْمُشْرِكِينَ، وَكَانَ ذَا بَأْسٍ، فَأَثْبَتَتْهُ الْجِرَاحَةُ، فَاحْتُمِلَ إِلَى دَارِ بَنِي ظَفَرٍ، قَالَ: فَجَعَلَ رِجَالٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ يَقُولُونَ: وَاللَّهِ لَقَدْ أَبْلَيْتَ الْيَوْمَ يَا قُزْمَانُ فَأَبْشِرْ، قَالَ: بِمَاذَا أَبْشِرُ! فَوَاللَّهِ إِنْ قَاتَلْتُ إِلَّا [عن] [٥] أَحْسَابِ قَوْمِي، وَلَوْلا ذَلِكَ لَمَا قَاتَلْتُ، قَالَ: فَلَمَّا اشْتَدَّتْ عَلَيْهِ جِرَاحَتُهُ أَخَذَ سَهْمًا مِنْ كنانته فقتل به نفسه.
[(١)] وردت في الأصل: المنفي، وما أثبتناه من ابن هشام.
[(٢)] وهو موضع بالقرب من المدينة المنورة.
[(٣)] وعند ابن هشام: فوالله ما بَقِيَ لِوَاحِدٍ مِنَّا مِنْ عُمْرِهِ إِلَّا ظمء حمار، - أي ظمأ الحمار، لأن ظمأه قصير-
[(٤)] أي رجل غريب.
[(٥)] وردت في الأصل: على، وما أثبتناه عن ابن هشام.
2 / 25