Les Yeux du Patrimoine sur les Arts des Campagnes Militaires, les Traits Physiques et les Biographies
عيون الأثر في فنون المغازي والشمائل والسير
Maison d'édition
دار القلم
Numéro d'édition
الأولى
Année de publication
١٤١٤/١٩٩٣.
Lieu d'édition
بيروت
اسْتَقْبَلَ بَيْتَ الْمَقْدِسِ مِنْ حِينِ قَدِمَ الْمَدِينَةَ سنة عَشَرَ شَهْرًا، ثُمَّ قَرَأَ: شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ ما وَصَّى بِهِ نُوحًا [١] [٢] .
وَقَدْ ذَكَرْنَا فِيمَا سَلَفَ حَدِيثَ الْبَرَاءِ بْنِ مَعْرُورٍ وَتَوَجُّهُهُ إِلَى الْكَعْبَةِ، وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الصَّلاةَ كَانَتْ يَوْمَئِذٍ إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ، وَلَمَّا كَانَ ﷺ يَتَحَرَّى الْقِبْلَتَيْنِ جَمِيعًا لَمْ يَتَبَيَّنْ تَوَجُّهُهُ إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ لِلنَّاسِ حَتَّى خَرَجَ مِنْ مَكَّةَ.
قَالَ السهيلي: وكرر البارئ ﷾ الأَمْرَ بِالتَّوَجُّهِ إِلَى الْبَيْتِ الْحَرَامِ فِي ثَلاثِ آيَاتٍ، لأَنَ الْمُنْكِرِينَ لِتَحْوِيلِ الْقِبْلَةِ كَانُوا ثَلاثَةَ أَصْنَافٍ: الْيَهُودَ، لأَنَّهُمْ لَا يَقُولُونَ بِالنَّسْخِ فِي أَصْلِ مَذْهَبِهِمْ، وَأَهْلُ الرِّيبِ وَالنِّفَاقِ اشتد إِنْكَارُهُمْ لَهُ لأَنَّهُ كَانَ أَوَّلَ نَسْخٍ نَزَلَ، وَكُفَّارُ قُرَيْشٌ، لأَنَّهُمْ قَالُوا: نَدِمَ مُحَمَّدٌ عَلَى فِرَاقِ دِينِنَا، وَكَانُوا يَحْتَجُّونَ عَلَيِه فَيَقُولُونَ: يَزْعُمُ مُحَمَّدٌ أَنَّهُ يَدْعُونَا إِلَى مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ، وَقَدْ فَارَقَ قِبْلَةَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ، وَآثَرَ عَلَيْهَا قِبْلَةَ الْيَهُودِ، فَقَالَ اللَّهُ لَهُ حِينَ أَمَرَهُ بِالصَّلاةِ إِلَى الْكَعْبَةِ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَيْكُمْ حُجَّةٌ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ [٣] عَلَى الاسْتِثْنَاءِ الْمُنْقَطِعِ، أَيْ: لَكِنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا منه لا يَرْجِعُونَ وَلا يَهْتَدُونَ، وَذَكَرَ الآيَاتِ إِلَى قوله لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ [٤] أَيْ: يَكْتُمُونَ مَا عَلِمُوا مِنْ أَنَّ الْكَعْبَةَ هِيَ قِبْلَةُ الأَنْبِيَاءِ.
وَرُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ أَبِي دَاوُدَ فِي كِتَابِ (النَّاسِخِ وَالْمَنْسُوخِ) لَهُ قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَد بْنُ صَالِحٍ، ثَنَا عَنْبَسَةُ عَنْ يُونُسَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ: كَانَ سُلَيْمَانُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ لا يُعَظِّمُ إِيلياءَ [٥] كَمَا يُعَظِّمُهَا أَهْلُ الْبَيْتِ، قَالَ: فَسِرْتُ مَعَهُ وَهُوَ وَلِي عَهْدٍ، قَالَ: وَمَعَهُ خَالِدُ بْنُ يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ، قَالَ سُلَيْمَانُ وَهُوَ جَالِسٌ فِيهَا: وَاللَّهِ إِنَّ فِي هَذِهِ الْقِبْلَةِ الَّتِي صَلَّى إِلَيْهَا الْمُسْلِمُونَ وَالنَّصَارَى لَعَجَبًا، قَالَ: خَالِدُ بْنُ يَزِيدَ: أَمَا وَاللَّهِ إِنِّي لأَقْرَأُ الْكِتَابَ الَّذِي أَنْزَلَهُ اللَّهُ عَلَى مُحَمَّد ﷺ، وَأَقْرَأُ التَّوْرَاةَ، فَلَمْ تَجِدْهَا الْيَهُودُ فِي
[(١)] سورة الشورى: الآية ١٣. [(٢)] انظر طبقات ابن سعد (١/ ٢٤٣) . [(٣)] سورة البقرة: الآية ١٥٠. [(٤)] سورة البقرة: الآية ١٤٦. [(٥)] إيلياء: بيت المقدس.
1 / 274